كان أحد رموز الرأسمالية المزدهرة في ثمانينيات القرن الماضي، وكاتبا حقق مبيعات هائلة، ومؤلفا لروايات سياسية ومالية من أكثر الكتب مبيعا.
توفي الكاتب والخبير المالي بول-لو سوليتزر، الخميس 6 فبراير عن عمر يناهز 78 عاما في جزيرة موريشيوس، حيث كان يقيم منذ عدة أشهر.
وقالت ابنته، أوليفيا سوليتزر، لوكالة الأنباء الفرنسية: “لقد توفي هذا الصباح (صباح الخميس) في المستشفى نتيجة سكتة دماغية”، موضحة أن والدها نُقل إلى المستشفى قبل أيام بعد تعرضه لسقوط.
وُلد سوليتزر في 26 يوليو 1946 في بولوني-بيلانكور (إقليم هوت دو سين) بالعاصمة الفرنسية باريس؛ كان والده، جول سوليتزر، مهاجرا يهوديا من رومانيا، قاوم الاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية وحصل على وسام الصليب الحربي، وحقق ثروة كبيرة من خلال تأسيس شركة متخصصة في بيع مقطورات الشاحنات الثقيلة.
توفي الأب في عام 1956، وفي سن 16، ترك سوليتزر دراسته في ثانوية جانسون دو سايلي، وأدى عدة وظائف صغيرة قبل أن يسافر إلى إسرائيل ليقضي 6 أشهر في مستوطنة كيبوتز.
عند عودته إلى فرنسا، بدأ حياته المهنية بتأسيس “أوروبا سيرفيس”، وهو أول ناد لهواة جمع سلاسل المفاتيح، وفي سن 21، أصبح “أصغر رئيس تنفيذي في فرنسا”، وتخصص في استيراد منتجات مبتكرة بأسعار تنافسية، مثل الملاعق المضيئة، وكاشطات الظهر الكهربائية، والأقلام العملاقة، وآلات حساب للأطفال.
أسس شبكة تضم 4500 نقطة بيع، وحقق نجاحا كبيرا قبل أن يبيع شركته عام 1968، بعد ذلك، قرر تعلم مهنة المال والاستثمار، فانضم إلى إحدى الشركات القابضة، ثم عمل مستشارا ماليا.
في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، اتجه سوليتزر إلى عالم النشر، حيث خطرت له فكرة جديدة وهي إنتاج “رواية مالية”، أي قصة مغامرات تدور في عالم المال.
تواصل مع دار النشر “دونوال”، لكنه احتاج إلى كاتب، فوقع الاختيار على الصحفي والكاتب لوب دوران، لم يُعترف علنا بتقسيم المهام بينهما، إذ ادعى سوليتزر أنه يعتمد على “نظام” من الباحثين والكتّاب الخفيين.
تولى دوران الكتابة، بينما ركز سوليتزر على الترويج، ثم أعاد استثمار أربعة أخماس مقدم النشر الذي حصل عليه في الدعاية لكتابه الأول Money (دار دونوال، 1980)، مما أطلق موجة جديدة من التسويق الأدبي.
وبفضل هذا الترويج، حقق Money نجاحا هائلا، تبعته روايات أخرى مثل Cash! 1981 وFortune 1982، التي تروي مغامرات رجل الأعمال فرانز سيمبالي، قبل أن يقوم في عام 1983، بنشر Le Roi Vert (الملك الأخضر)، الذي تُرجم إلى 42 لغة.
استمر سوليتزر في إصدار الكتب بمعدل كتاب واحد سنويا، من بينها Popov 1984، الذي يتناول التجسس الاقتصادي السوفييتي، وHannah 1985 وL’Impératrice 1986، المستوحاة من سيرة هيلينا روبنشتاين، ثم Cartel 1990 وTantzor 1991 وLes Riches 1991.
خلال الثمانينيات، حيث كان “الشباب الذهبي” يسيطر على عالم المال، جمع سوليتزر ثروة هائلة قُدرت بـ30 مليون فرنك على الأقل (ما يقارب 90 مليون درهم).
عاش في قصر فاخر بشارع فارين في باريس، وقاد سيارة فيراري 275 GTB4 النادرة، وكان يظهر في الصور وهو يدخن السيجار في مسابح مليئة بالأوراق النقدية.
أصبح رمزا للنجاح وكان يقدم نصائح للثراء في المجلات، وفي عام 2003، أطلق مجلة اقتصادية بعنوان Savoir s’enrichir (فن الثراء).
في عام 1993، تزوج، لثالث مرة في حياته، من دلفين جاكوبسون، ابنة رجل أعمال ثري، في حفل فخم ترأسه رئيس بلدية باريس آنذاك، الرئيس الفرنسي فيما بعد، جاك شيراك، وحضره نجوم مثل جوني هاليداي ولاين رينو، أنجب منها ولدين، لينضافا إلى ابنته من زواج سابق.
في التسعينيات، واصل سوليتزر إصدار الكتب، رغم وفاة لوب دوران عام 1995، لكن مبيعاته تراجعت، حينها قال إنه باع 42 مليون نسخة من 35 كتابا.
في الوقت نفسه، استمر في تقديم الاستشارات المالية، لكنه واجه أول مشكلة قانونية عام 1997 عندما وُضع رهن التحقيق بسبب علاقته برجل الأعمال ميشيل كوانكاس في قضية استحواذ مثيرة للجدل على شركات متعثرة.
في العقد الأول من الألفية، بدأ عالم سوليتزر في الانهيار، وُجهت إليه تهم تتعلق بفضيحة بيع الأسلحة غير المشروعة إلى أنغولا (أنغولاغيت)، حيث يُعتقد أنه حصل بين عامي 1997 و1998 على ما بين 1.6 و2 مليون فرنك (5 مليون درهم).
صودر جواز سفره لمدة ثماني سنوات، وتعرض لسكتة دماغية عام 2002 أثرت على صحته، لكنه تعافى بعد ذلك.
وفي عام 2005، أدين بالسجن مع وقف التنفيذ بسبب التهرب الضريبي، وفي 2008، حُكم عليه بالسجن 15 شهرا مع وقف التنفيذ وغرامة مالية كبيرة بسبب دوره في “أنغولاغيت”، وألّف رواية Le Roi Rouge (الملك الأحمر) المستوحاة من القضية.
زاد طلاقه من دلفين جاكوبسون من أزمته المالية، إذ كلفه أكثر من 10 ملايين يورو، مما أدى إلى إفلاسه التام.
في 2013، نُشرت سيرته الذاتية Monstre Sacré (الوحش المقدس)، ثم قضى سنواته الأخيرة في بروكسل بنمط حياة متواضع، وفي مقابلة مع BFM-TV عام 2018، عبّر عن طموحه الأخير قائلا: “قبل أن أرحل، أود محاولة كتابة كتاب رائع”.