خلال يوم صيفي من أيام شهر يوليوز 2002، وفي مؤتمر صحفي، وصف محمد بنعيسى، وزير الخارجية المغربية آنذاك، القوات العسكرية الإسبانية في جزيرة ليلى بأنها قوات احتلال، وأن تعزيز وجودها في الجزيرة الصخرية يعد بمثابة “إعلان حرب”، ودعا إلى انسحابها الفوري ودون شروط.
هكذا تلقفت وسائل الإعلام الدولية تصريحات الراحل، وزير الشؤون الخارجية الأسبق، محمد بنعيسى، الذي وافته المنية صباح اليوم السبت، في خضم أخطر أزمة سياسية وعسكرية في عهد ملك المغرب محمد السادس مع الجارة إسبانيا، “أزمة جزيرة ليلى سنة 2002”.
وشاءت صدف التاريخ أن تتزامن فترة تولي محمد بنعيسى حقيبة الخارجية، التي شغلها منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، حتى سنة 2007، مع أخطر أزمة سياسية كادت أن تتطور إلى حرب بين المغرب وإسبانيا، على خلفية احتجاز القوات الإسبانية لعناصر من الدرك والقوات المساعدة المغربية الذين تتبعوا مراكب مرشحين للهجرة السرية إلى الجزيرة التي لا يعترف المغرب بسيادة إسبانيا عليها.
وظهر محمد بنعيسى كوجه مغربي على أكثر من شاشة إعلامية عالمية، يصرح بمواقف المغرب بخصوص شرعية مغربية الصخرة التي كادت أن تثير حربًا بين المملكتين.
وبكل هدوء ودون انفعال، قال خلال الأزمة: “إن المغرب سجل 61 انتهاكا لمجاله الجوي و26 انتهاكا لمياهه الإقليمية قامت بها إسبانيا منذ يوليوز 2002″، تاريخ بدء أزمة جزيرة ليلى.
حمل بنعيسى على عاتقه مهام نقل الرسالة المغربية إلى العالم، وفي ذات الوقت التواصل مع الأمم المتحدة وأصدقاء المغرب في العالم، وكذلك مع الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي الذي كان موقفه لافتا وبارزا وصارمًا في دعم المغرب في مواجهة إسبانيا.
كما قاد وفد المغرب إلى عواصم صنع القرار في واشنطن وباريس للضغط على حكومة خوسي ماريا أثنار لسحب قواتها من على الصخرة ولتجنب انزلاق الأوضاع إلى الأسوأ.
وبذلك، يكون محمد بنعيسى وزير الخارجية المغربي الوحيد في عهد الملك محمد السادس الذي شهدت فترة توليه منصب الوزارة أزمة سياسية وعسكرية في العهد الجديد كادت أن تنزلق إلى حرب بين المغرب وإسبانيا، ويغادرنا اليوم ليحمل معه الكثير من تفاصيل تلك الواقعة وتداعياتها إلى قبره.