في بلدة نائية وسط جبال الحوز، حيث تعانق القمم زرقة السماء، ما تزال ساكنة دوار تيفني بثلاث نيعقوب تعاني من تداعيات الهزة الأرضية التي أسقطت أرواحا وأذاقت أخرى مرارة الفقد، وهدمت منازل كانت الملاذ الآمن لمالكيها، الذين أصبحوا يعيشون بطريقة بدائية في خيام هشة ومهترئة، وتحت أغطية من القماش والبلاستيك لا تصمد أمام زمهرير البرد ولهيب الصيف.
وانتقل طاقم جريدة “سفيركم” الإلكترونية إلى دوار تيفني بثلاث نيعقوب، والتقى بسميرة آيت محمد، وهي رئيسة جمعية أمال تيفني للتنمية بثلاث نيعقوب، التي أخذت الطاقم في جولة تفقدية إلى مقر سكن أهل المنطقة، أبرزت فيها أن الطريق غير معبدة، وأن أبناء ساكنة المنطقة محرومون من حقهم في التعليم بسبب البعد وغياب وسائل التنقل، إلى جانب الخيام الهشة من قساوة البرد والحر، والطين الذي يملأ أرجاء المكان في كل مرة تتساقط فيها زخات مطرية.
وقالت سميرة في تصريحها لـ”سفيركم”، “اليوم أنا هنا للحديث عن حقي وحق أهل القرية، المنسيون قبل الزلزال وبعده، نعيش نفس المعاناة التي تتكرر كل مرة، لا طريق!، لا مدرسة! ولا سكن!، الناس هنا معذبون في الخيام ولا تتوفر لهم أدنى الشروط الأساسية للعيش ولا سيما في دوار تيفنى المنكوب من زمن”.
ولفتت سميرة إلى المعاناة التي يعيشها التلاميذ والطلبة الذين يجدون أنفسهم مجبرين على التنقل لمسافات طويلة من أجل الالتحاق بمقرات الدراسة، مستنكرة غياب وسائل التنقل ورفض تحويل الساكنة من المكان الذي يعيشون فيه في الخيم، منتقدة في ذات الوقت كيفية تعامل المسؤولين مع وضعهم، قائلة: “لا أحد يكترث لنا لأننا من دوار تيفني، كأننا لسنا مواطنين مغاربة، نريد سببا مقنعا يفسر الصد الذي نتعرض له”.
وتحدثت سميرة بحرقة عن الظروف القاسية التي يعانيها أهل الدوار، قائلة: “من غير المعقول أن تكون مواطنا، وأن تمر سنة على الزلزال، لكن كل شيء ما يزال كما هو”، مضيفة أنها تعاني من مشاكل تنفسية ومن حساسية تجاه الخيام لكنها تبقى مجبورة على العيش هناك بجانب والديها.
وأعربت بنبرة تحسر عن عدم تمكنها من مواصلة دراستها، بسبب إشكالية الطريق والتنقل، حيث قالت: “أنا شخصيا فتاة لم تتمكن من إتمام دراستها بسبب الطريق، لأنه لا يمكن أن تتخيل فتاة في سن 13 أو 14 سنة تقطع كل هذه المسافة وخاصة مع اقتراب المغرب أو في وقت متأخر، كنت أستيقظ كل يوم اثنين في الفجر من أجل البحث عن وسيلة تنقل إلى الإعدادية، ويوم السبت دائما ما يجب أن أبحث عن من يقلني إلى الدوار وأقطع مسافة 15 كيلومتر مشيا.. وفي الأخير لم أبلغ ما كنت أتمناه لأن الإمكانيات لم تكن متوفرة”.
وخلصت رئيسة جمعية أمال تيفني للتنمية بثلاث نيعقوب، إلى مطالبة المسؤولين المعنيين بالانتقال من الأقوال والوعود إلى التطبيق والفعل، قائلة: “تعبنا من الوعود الزائفة والأقوال الفارغة، نتتظر التطبيق والفعل”.
ومن جانبه، وجه رجل مسن من أهل دوار تيفني، طلبه إلى المسؤولين من أجل العمل على تعبيد الطريق إلى الدوار بهدف تسهيل التنقل منه وإليه، لا سيما وأن فك العزلة عن الدوار ستسهل عليهم القيام بعمليات بناء منازلهم، لافتا إلى أن قدوم الشتاء يمكن أن يفسد الخيام التي تأويهم.
تعليقات( 0 )