أكد السفير المغربي في فنلندا، محمد أشكالو، في ندوة دولية نظمت يوم الجمعة 23 ماي الجاري، بمقر السفارة المغربية بالعاصمة الفنلندية هلسنكي، أن التعاون جنوب-جنوب يعتبر ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية، منوها بالدور الريادي للمملكة في تعزيز هذا التعاون على المستويين القاري والدولي، تحت قيادة الملك محمد السادس الرشيدة.
وأوضح تقرير نشره موقع “Daily Finland”، أن هذه الندوة المنظمة تحت شعار: “بناء الجسور بين الجنوب والشمال: أهمية التعاون جنوب-جنوب في السياسة الخارجية المغربية”، عرفت مشاركة دبلوماسيين وأكاديميين وخبراء دوليين، ناقشوا سبل تفعيل هذا التعاون في ظل التحديات العالمية الراهنة.
واعتبر السفير المغربي في فنلندا، محمد أشكالو، في كلمته الافتتاحية، أن التعاون جنوب-جنوب لا يُعد مجرد سياسة دبلوماسية، بل يمثل ركيزة أساسية في الرؤية الدولية والقارية للمغرب، وهو ما تنص عليه بوضوح مقتضيات الدستور المغربي.
وأشار السفير إلى أن هذه الرؤية تستند إلى مقاربة براغماتية قائمة على المصالح المشتركة، والشراكات المتوازنة، والقيم المشتركة، مشددا على أن المغرب يربط هذا التعاون بقيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
وقدم السفير أمثلة تجسد هذه الرؤية، من أبرزها “المبادرة “الأطلسية”، التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2023، والتي تهدف إلى تمكين دول الساحل الإفريقي غير المطلة على البحر من الوصول إلى المحيط الأطلسي، وقال إنها تمثل نموذجا لتعاون تنموي جديد يتجاوز النماذج التقليدية، ويقوم على رؤية موحدة وطموحة للتكامل الإقليمي والتنمية البشرية المستدامة والازدهار المشترك.
ومن جانب آخر، أكد المشاركون على أهمية البعد الثقافي والإنساني في تعزيز التعاون جنوب-جنوب، من خلال دعم الفنون، والحوار بين الثقافات، وتشجيع التبادل الأكاديمي.
وفي هذا الصدد، أبرز الدكتور توماس بابيلا سما، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة هلسنكي، أن التفاهم المتبادل بين شعوب الجنوب والشمال لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تعزيز الروابط الثقافية والإنسانية، بما يساهم في بناء جسور التواصل والتعايش.
وسلطت هذه الندوة الضوء أيضا على التحديات العالمية المتعلقة بإدارة الأزمات، حيث عبرت تينا كوكا-با، المستشارة بمؤسسة السلام “مارتن أتيزاري” لفائدة دول الساحل، عن قلقها من تنامي الاعتماد على القوة بدل الحوار، وتراجع آليات الوساطة، وتراجع دور الأمم المتحدة في الحد من النزاعات وحلها.
ومن جانبه، شدد السفير المغربي على أنه “لا وجود لحرب جيدة، كما لا وجود لسلام سيء”، مضيفا أن التنمية المستدامة والسلام الحقيقي والأمن الدائم، لا يمكن أن تُبنى إلا على أسس الحرية، واحترام الحقوق الأساسية، والاعتراف الكامل بسيادة الدول ووحدة أراضيها.
كما تطرقت الندوة إلى قضية الهجرة باعتبارها ظاهرة عالمية وهيكلية، حيث لفت السفير المغربي إلى أن التعامل مع هذه الظاهرة يقتضي تبني مقاربة إنسانية، عادلة، وتضامنية، تقوم على المسؤولية المشتركة واحترام كرامة الإنسان.
واختتم المشاركون هذه الندوة بتقديم توصيات تحث على ضرورة إرساء شراكات اقتصادية عادلة ومتوازنة تقوم على المنفعة المتبادلة، وإشراك القطاع الخاص في جهود التعاون جنوب-جنوب، وتعزيز تدفق رؤوس الأموال بين الجنوب والجنوب، وكذا بين الشمال والجنوب، من خلال تشجيع الاستثمار، وتوفير بيئة آمنة ومحفزة للمبادرة والمقاولة، واعتماد معايير الحوكمة الجيدة كشرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة.