كشفت صحيفة إيطالية عن قصة نجاح مواطن مغربي، يُدعى عبد الرحيم الفاضلي، مسلطة الضوء على تجربته الاستثنائية في الاندماج داخل المجتمع الإيطالي، كمغربي من آلاف المغاربة الذين بصموا على صورة مشرفة في الديار الأوروبية، راصدة رحلته من مدينة الدار البيضاء إلى الاستقرار والعمل في إيطاليا.
وأوضحت صحيفة “Gazzetta Della Spezia” الإيطالية، أن عبد الرحيم الفاضلي، الذي يعد نموذجا يحتذى به في الكفاح والتأقلم، قد اختار الهجرة إلى إيطاليا في سنة 1994، أي حين كان يبلغ من العمر التاسعة عشرة، مبرزة أن وجهته كانت إيطاليا لأن عمه الذي وفر له الدعم الأولي، كان يعيش هناك.
وأكد للصحيفة أن قرار مغادرة بلده والابتعاد عن أسرته لم يكن عشوائيا، بل بحثا عن حياة أفضل، حيث قال: “عملت في المغرب في مجالات متعددة، من النجارة إلى الصناعة المعدنية والنسيج. لكنني أتيت إلى إيطاليا بحثا عن فرص أفضل”.
وواصل المصدر ذاته أنه انتقل إلى إيطاليا بمهارات متواضعة في النجارة والصناعات المعدنية والنسيج، وبعد مجيئه وجد عائق التكيف مع لغة وثقافة جديدتين، مضيفا أن بداياته كانت بسيطة، إذ عمل كبائع متجول أمام متاجر كبرى في بارما، مثل متجر “كووب”، ليوفر قوته اليومي، حيث قال عبد الرحيم: “لم يكن العمل سهلا، لكنه كان ضروريا للبقاء”.
وذكر عبد الرحيم أنه بدأ في عام 1996، أول عمل رسمي له في مصنع للبلاستيك، بإقليم ريدجو إيميليا، لكنه سرعان ما أدرك صعوبة الاستمرار في ظروف قاسية، لينتقل إلى مصنع آخر متخصص في تصنيع كراسي الحلاقين وأطباء الأسنان.
ولفتت الصحيفة إلى أن عبد الرحيم أدرك خلال هذه الفترة، أهمية تحسين مهاراته اللغوية، ما دفعه إلى الالتحاق بدورات لتعلم اللغة الإيطالية، ما ساعده على توسيع آفاقه المهنية.
وبما أن روح المهاجر المغربي كانت دائما تواقة لمعرفة المزيد، لم يكتفي بتعلم مهارات مجال معين دون الآخر، بل قرر تجربة مجال مختلف تماما عن المهن التي زاولها سابقا، حيث عمل في سنة 1998 في مخبز عام، وقال في هذا الصدد: “العمل في المخبز كان تحديا كبيرا بسبب ساعات العمل الليلية، لكنه علمني مهارات جديدة وساعدني على بناء علاقات مهنية قوية”.
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن عبد الرحيم انضم في سنة 2000، إلى شركة “SMA Serbatoi” المتخصصة في الصناعات المعدنية، بعقد عمل مؤقت، لكن سرعان ما أثبت جدارته وأصبح عضوا رسميا في فريق الشركة، حيث كان متخصصا في تصنيع الدعامات المعدنية لخزانات الوقود، وأظهر كفاءة كبيرة وتفاني عالي في العمل.
وأردف عبد الرحيم، قائلا: “العلاقة مع الزملاء، سواء كانوا إيطاليين أو من جنسيات أخرى، كانت دائما قائمة على التعاون والاحترام، فالعمل الجماعي هو مفتاح النجاح”.
وعلى مدار ثلاثين سنة، استطاع عبد الرحيم التكيف مع الثقافة الإيطالية وحصل على الجنسية الإيطالية، لكنه لم ينس جذوره المغربية، مبرزا أنه دائما ما يحرص على الترويج لصورة إيجابية عن المغرب، داعيا زملائه لزيارة بلده واستكشاف مدنه الجميلة مثل الدار البيضاء وطنجة.
وخلصت المهاجر المغربي بالقول : “إن الاندماج لا يعني التخلي عن هويتك وجذورك، بل بالعكس، يمكن للإنسان أن ينجح في مجتمع جديد دون التنكر لأصوله وثقافته”.