بعد شهور من العمل المتواصل والتحضير القانوني والإداري الدقيق، تفاجأت لجنة تقديم عريضة مواطِنة بوجود خلل تقني خطير في البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة، ما حال دون استكمال المسطرة القانونية لإيداع العريضة، في مخالفة صريحة للحق الدستوري في تقديم العرائض، وخرق للضمانات التي يكفلها القانون التنظيمي رقم 44.14.
وكشفت اللجنة في بيان لها، توصل موقع “سفيركم” بنسخة منه، أنها “أعدت نص العريضة مدعوما بمذكرة تفصيلية، توضح دوافع تقديمها والأهداف المرجوة منها، مع احترام جميع الشروط الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في القانون التنظيمي، بدءا من عقد الاجتماع التأسيسي للجنة وفقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.377 المتعلق بالتجمعات العمومية، وصولا إلى تسجيل وكيل اللجنة وأعضائها عبر البوابة الإلكترونية، ورفع الوثائق اللازمة لإتمام عملية الإيداع.”
لكن عند المرحلة الأخيرة، تقول اللجنة إنها “اصطدمت بغياب أيقونة “حفظ وتوقيع” الضرورية للمصادقة على العريضة من طرف أعضاء اللجنة، إلى جانب غياب خانة مخصصة لتحميل الوثيقة التي تثبت إخبار السلطة المحلية بعقد الاجتماع التأسيسي، وهو ما جعل استكمال المسطرة القانونية مستحيلا.”
ورغم توجه أعضاء اللجنة مباشرة إلى الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان بتاريخ 2 يونيو 2025، وتقديم شروحات مفصلة حول الخلل، أُبلغوا أن المشكل التقني يتطلب إجراءات إدارية وتنسيقا مع الشركة المسيرة للبوابة. وفي زيارة لاحقة يوم 10 يونيو 2025، أكدت الوزارة نيتها التدخل لإصلاح العطب، دون أن تحدد أي أجل زمني لذلك.
وعبّرت اللجنة عن استغرابها الشديد من هذا التماطل غير المبرر في إصلاح عطب تقني بسيط، يعطّل تفعيل آلية ديمقراطية منصوص عليها في الدستور والقانون، ويمس بثقة المواطنات والمواطنين في نجاعة الإدارة، ويتناقض مع توجيهات الخطاب الملكي التي تشدد على ضرورة تحديث المرافق العمومية وتقريبها من المواطن، وتكريس الحق في المشاركة الديمقراطية.
وفي تصريح لموقع “سفيركم”، قال المهدي الهشامي، عضو لجنة العريضة، إنه “بعد شهور من الإعداد وجمع التوقيعات وتسجيل وكيل اللائحة في المنصة المخصصة لذلك، تفاجأنا بالخلل الذي حال دون استكمال مراحل تسجيل العريضة. هذا الخلل لا يزال مستمرا ولا توجد هناك بوادر للتحرك لإصلاحه، الأمر الذي ضيّع علينا حقا دستوريا أصيلا”.
وأضاف الهشامي قائلا: “يُضاف إلى ذلك المساس بالحق الدستوري في اجتياز المباريات، الذي تم ضربه بالقرار غير المشروع بتسقيف السن في ثلاثين سنة”، معتبرًا أن “هذا العطل والخلل إقصاء آخر، يضاف إلى حرماننا من اجتياز المباريات، رغم تفوقنا الأكاديمي وتحصلنا على شواهد من كليات علوم التربية والتدريس، وشواهد عليا في مختلف التخصصات. لكن تسقيف سن المباريات قضى على حقنا وحلمنا في ولوج مهنة التدريس”.
وختم المتحدث بالقول: “إن 90% من العمل والخطوات المطلوبة لتسجيل العرائض قد أُنجز، وتم إقصاؤنا بسبب 10% في المرحلة الأخيرة، والتي تتمثل في تسجيل باقي أعضاء اللجنة، الشيء الذي لم نتمكن منه بفعل هذا الخلل التقني، الذي حال بيننا وبين حق دستوري، أقرّه الدستور وركّز عليه الملك محمد السادس في عدة خطابات ملكية، لتسهيل الخدمات والحقوق للمواطنين”.