استغل وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، مؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب، المنعقد بطنجة، ليقدم اعتذاره لرجال ونساء المهنة.
وقال وهبي كلمته بالمؤتمر أمس الخميس، وهو على مشارف نهاية ولايته الحكومية، “لا تدركون ثقل هذه اللحظة على قلبي، فأنتم مني وأنا منكم”، مردفا: “حينما نختلف، كل منا يدافع عن موكله، هناك الحكومة وهناك الحقوق والحريات”.
وأضاف وهبي في خطاب عاطفي: “تعلمت منكم ومن نقبائي ألا أتنازل، وأن أكون حادا في المرافعة، وما تعلمته من سلوك وأخلاق استمر وأنا في الوزارة، وعليكم أن تتحملوني، لأنكم أنتم الذين علمتموني أن أصمد في مواجهة النقاش”.
وتعود جذور خلاف وهبي مع زملائه السابقين إلى بداية تقلده حقيبة العدل، خلال محطات مختلفة مرتبطة بمناقشة عدد من القوانين التي تلامس الممارسة اليومية لمهنة المحاماة، ويتعلق الأمر بقانون المهنة، ثم المسطرتين المدنية والجنائية.
وشكلت تمثيلية النساء داخل هيئات المحامين إحدى نقاط الخلاف بين وزير العدل وزملائه السابقين خلال مرحلة مناقشة قانون المهنة، حيث دافع وهبي عن تعزيز تمثيلية النساء داخل مكاتب هيئات المحامين على الصعيد الوطني من خلال مشروع القانون، بما ينسجم مع مبدأ المساواة والمناصفة الذي رسخه الدستور.
في الوقت الذي أبدى فيه أصحاب البذلة السوداء تحفظا تجاه طرح المسؤول الحكومي، معتبرين أن هذه التمثيلية النسائية يجب أن تأتي كنتيجة طبيعية لتطور المهنة، وليس عبر إلزامية قانونية.
ودافع نقباء مختلف الهيئات عن وجوب الحفاظ على استقلالية القرارات الداخلية للنقباء والهيئات، والحفاظ عليها من “التدخلات الخارجية”، رافضين المساس بها والتنقيص من دورها، مع التأكيد على وجوب توسيع صلاحياتها.
وشكل فرض رسوم ضريبية فورية على الملفات المعالجة لدى المحامين، بدوره، واحدا من مصادر غضب هيئة الدفاع، حيث أجمعوا على أن هذا القرار يزيد من الأعباء المالية عليهم، ويضعف قدرتهم على ممارسة مهنتهم في استقلالية.
القرار الذي جعل جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ومختلف تنظيمات المحامين، تدعو إلى إضرابات ووقفات احتجاجية متتالية، عنوانها عدم الرضا عن تسيير زميلهم السابق لقطاع العدالة، مستنكرين اتخاذه لقرارات مصيرية بشكل فردي دون إشراكهم.
من جانبه، دافع وزير العدل وهبي عن هذه التدابير، بأنها تأتي في إطار إصلاح شمولي يهدف إلى تحديث القطاع وتنظيمه بشكل يتماشى مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي نجح وزير العدل عبد اللطيف وهبي في تمريره، تمكن بدوره من إخراج مئات المحامين للاحتجاج ضد ما وصفوه بـ”المقتضيات الانتكاسية والرجعية”، معتبرين أن مقتضياته غير دستورية و”تخرق الحق في تقاضٍ عادل”.
المسطرة الجنائية شكلت أيضا محطة للصراع بين المسؤول الحكومي والمحامين، نظرا لارتباطها بمهام وحدود صلاحيات ممارسة المهنة.
وكان قد عبّر رجال ونساء الدفاع عن تخوفهم من التعديلات المرتقبة، وتحديدا المتعلقة بتقوية صلاحيات النيابة العامة والمس بحقوق الدفاع، مؤكدين أن القانون في صيغته الحالية يوسّع من صلاحيات “النيابة العامة” على حساب تقليص حقوق الدفاع.
وكانت جمعية هيئات المحامين بالمغرب قد تفاعلت مع قرارات وهبي وتشبثه بوجهات نظره، عبر الإعلان عن مقاطعة الجلسات، وصناديق الأداء، وجميع الإجراءات المرتبطة بالمهنة، تنفيذًا لمخرجات بلاغ طنجة المؤرخ في 26 أكتوبر 2024.
وشمل التصعيد تعليق العمل في المحاكم بداية شهر نونبر من السنة المنصرمة، وتقديم عرائض وشكاوى لدى الجهات المعنية، للتعبير عن رفضهم الشديد لما وصفوه بسياسات تستهدف استقلالهم وحقوقهم المهنية.
وهبي قال في ختام كلمته أمام محامي ومحاميات المغرب، إنه لن ينفصل عنهم، مردفا: “المناصب والمسؤولية مرحلة، والمحامي ديمومة”.