عبرت عمدة أمستردام الهولندية، فمكا هالسما، عن رفضها القاطع تلقي انتقادات واتهامات من قبل أعضاء أحزاب يمينية بخصوص معاداتها للسامية، لا سيما من قبل من يمارس التمييز والعنصرية ضد المهاجرين المغاربة والمسلمين، وذلك على خلفية الضجة التي خلقها تنظيم مسيرات في أمستردام واحدة تضامنية مع فلسطين، والأخرى مؤيدة لـ”إسرائيل”.
وكشفت صحيفة “التلغراف” الهولندية، أن عمدة مدينة أمستردام، قد وجهت انتقادات لاذعة إلى زعيم حزب الحرية الهولندي، اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، خلال انعقاد اجتماع مجلس المدينة، وذلك وسط تصفيق أعضاء المجلس الذين عبروا عن تأييدهم لما قالته.
وأوضحت الصحيفة أن عضو مجلس المدينة، كاس فان بيركل، عن حزب “JA21” اليميني، قد أثار جدلا واسعا في الاجتماع، حين قال إن النشطاء الذين شاركوا في التظاهرة التضامنية مع فلسطين قد “تمتعوا بحرية تامة في إحداث فوضى غير قانونية”، بينما تعرض المشاركون في التظاهرة المؤيدة لإسرائيل إلى مضايقات، حيث أن “الأعلام الإسرائيلية تمت مصادرتها وتشويهها”، وفق قوله.
وتساءل بيركل عن موقف العمدة من الاستمرار في اعتبار المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين”مسالمين”، منتقدا السماح لهم بارتداء الأقنعة كـ”ذريعة لخرق القانون”.
وفي معرض جوابها على هذه الاتهامات، قالت هالسما إن التظاهرة التضامنية مع إسرائيل، التي نظمت يوم الاثنين، لم يتعرض فيها الناشطون لأي مضايقات، كما أنها مرت في ظروف جيدة، مؤكدة أن تطبيق القانون قد تم بشكل صحيح، وأن “الادعاءات القائلة بأن هناك أجندة يسارية وراء هذا الأمر، تبقى بعيدة تماما عن الحقيقة”.
وانتقلت هالسما إلى توجيه انتقادات إلى فيلدرز، المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين وخاصة المغاربة والمسلمين، قائلة، “لا أقبل بأي اتهامات بمعاداة السامية أو تسهيل معاداة السامية، وبالتأكيد، لن أقبلها من أشخاص يمارسون التمييز والعنصرية ضد المغاربة والمسلمين، مما يظهر عدم فهمهم لمعنى مكافحة العنصرية، التي تشمل معاداة السامية”.
ولقيت مداخلة عمدة أمستردام، التي ردت فيها على انتقادات الحزب اليميني المتطرف، الحاصل على خمسة من أصل 15 منصبا وزاريا في الحكومة الهولندية الحالية، إشادات واسعة من قبل مجموعة من أعضاء المجلس الذين صفقوا عليها بحرارة.
ومن جانبه، عبر دان وينانتس، رئيس كتلة الحزب الليبرالي الديمقراطي “VVD”، عن تخوفه من أن السماح بتنظيم تظاهرات بين طرفين مضادين بالقرب من بعضهم البعض، قد يهدد الأمن العام ويخلق الفوضى، مشيرا إلى أن اشتراط مسافة كبيرة بين التظاهرات قد يكون الحل لهذه الإشكالية، إلا أن هالسما قد شددت على أن القانون من يحدد ذلك، وأنها تصرفت وفق ما هو مسموح به.
وبدوره، أبدى عضو المجلس اليهودي، إيتاي جارمي، استنكاره لما حدث يوم الاثنين، منتقدا توزيع منشورات مؤيدة لحماس بشكل واسع في أمستردام، وفق قوله، وتوجيه نصائح لليهود المشاركين في التظاهرة بإخفاء قبعاتهم اليهودية وأعلامهم الإسرائيلية، قائلا، “لا ينبغي أن نتصرف وكأن ما حدث طبيعي، ما وقع يوم الاثنين غير مقبول”.
ووقف أعضاء مجلس مدينة أمستردام، قبل انطلاق الاجتماع، دقيقة صمت ترحما على ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة، كما استنكرت العمدة كل من “الهجوم الذي شنته حركة حماس” على حد تعبيرها، و”العنف الحربي المفرط” الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي، والذي أودى بحياة حوالي 17 ألف طفل.
وقالت هالسما: ” ثمن هذه الحرب غالي جدا، وما تزال النهاية بعيدة”، كما توقعت سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء في ظل تأزم الوضع في الشرق الأوسط، لافتة في ذات الوقت إلى توتر الوضع في أمستردام، خاصة مع تصاعد مشاعر الكراهية ضد اليهود والمسلمين على حد سواء، مستطردة: “ليس هناك مكان للكراهية في مدينتنا، ولكن هناك مكان للألم والحزن والغضب، وأيضا للأمل”.
تعليقات( 0 )