في مسلسل “على غفلة”، استطاع الفنان الشاب غالي بنبريك أن يخترق قلوب المشاهدين بدور مركب وحساس للغاية، مجسدا شخصية “إسماعيل” الذي يعاني من اضطرابات مرتبطة بطيف التوحد.
وحسب العديد من المتابعين لمسلسل “على غفلة” فإن بنبريك نجح في التألق بأداء صادق، يكشف عن موهبة وقدرة عالية على تقمص الشخصيات الصعبة.
في هذا الحوار الخاص مع جريدة “سفيركم”، يفتح غالي قلبه للحديث عن كواليس هذا الدور، وتجربته الشخصية، واستعداده النفسي لتجسيد شخصية لا تُنسى… كما يحدثنا عن مسيرته، مشاريعه القادمة، ورؤيته لدور الفن في التوعية والتغيير.
1. غالي، شخصية إسماعيل في مسلسل “على غفلة” مركبة ومعقدة، وتعاني من اضطرابات مرتبطة بطيف التوحد. كيف كانت تجربتك مع هذا الدور؟ وكيف تعاملت مع شخصية تتطلب حساسية خاصة في الأداء؟
بصراحة، دور إسماعيل لم يكن سهلا على الإطلاق، بل كان تحديا حقيقيا وتجربة إنسانية عميقة. تطلّب مني مجهودا مضاعفا، وتركيزا عاليا، وحساسية كبيرة في الأداء، لأن الشخصية تمثل فئة من المجتمع تعيش في صمت وتعاني من نظرة الآخرين، وقد قضيت وقتا طويلا في البحث وفهم الحالة لتفادي أي خطأ أثناء تجسيد شخصية تعاني من التوحد، وكان همّي الأكبر أن أؤدي الدور بصدق واحترام.
2. هل أثرت فيك شخصية إسماعيل على المستوى الشخصي؟
طبعا. إسماعيل جعلني أرى الحياة من زاوية مختلفة تماما. تعلّمت أشياء كثيرة كنت غافلا عنها، وشعرت بتغيير داخلي تجاه هذا الموضوع. أصبحت أكثر وعيا وتعاطفا مع الأشخاص الذين يواجهون تحديات مماثلة في حياتهم اليومية.
3. هذا النوع من الأدوار يتطلب تحضيرا دقيقا وتعمقا في الجوانب النفسية والجسدية للشخصية. كيف اشتغلت على بناء ملامح إسماعيل؟ وهل استعنت بلقاءات ميدانية لفهم الحالة؟
قبل بداية التصوير، بدأت بالقراءة حول التوحد من عدة جوانب، وركّزت على التفاصيل الصغيرة: كيف يتحرك الشخص، كيف يعبّر عن مشاعره، طريقة النظر، الوقوف، والكلام. كنت حريصا على أن يكون كل شيء محسوبا بدقة، دون مبالغة أو تصنع. لكنني اعتمدت على مصادر موثوقة وتجارب واقعية منشورة ساعدتني كثيرا في بناء الشخصية.
4. شخصية إسماعيل تُجسد واقعا نعيشه يوميا، حيث تعيش بيننا حالات مماثلة تعاني في صمت. من وجهة نظرك، كيف يجب أن يتعامل المجتمع مع الأشخاص في وضعية توحد؟ وما دور الفن في توعية الناس بذلك؟
أعتقد أن كثيرا من الناس يتعاملون مع هذه الفئة من المجتمع بطريقة خاطئة. من الضروري أن نغيّر العقلية التي ترى في الشخص المصاب بالتوحد “مسكينا”، بل علينا أن نفهم أنه شخص مختلف فقط، وليس مريضا. التوحد ليس مرضا، بل اختلاف في الإدراك وطريقة التواصل. أما الفن، فله دور كبير في إيصال هذه الرسائل الإنسانية للمشاهد. وهذا بالضبط ما حاولنا تقديمه من خلال مسلسل “على غفلة”.
5. كيف كانت أجواء العمل إلى جانب نخبة من كبار الممثلين المغاربة؟ وكيف كان تفاعلهم معك كممثل شاب يشق طريقه في الدراما؟
الأجواء كانت رائعة جدا، مع فريق عمل محترف وممثلين كبار أحمل لهم كل التقدير. الحمد لله، لقيت تشجيعا كبيرا من أسرة فنية تعاملت معي بكل احترام. تعلمت منهم الكثير، وأثناء وقوفي بجانبهم لم أشعر بأي فرق، بل منحوني الثقة والدعم لأشتغل على راحتي، وهو ما ساعدني كثيرا وأسعدني خلال تجربة “على غفلة”.
6. من هي الشخصية التي شعرت أنها الأقرب إليك خلال فترة التصوير، سواء أمام الكاميرا أو خلفها؟
بصراحة، كنا جميعا كعائلة واحدة، يدا في يد. لكن أكثر من شعرت بقربهم مني هم من أدّوا أدوار إخوتي في المسلسل. كنا نُمضي وقتا طويلا معا، سواء داخل الكواليس أو أثناء التصوير، وكانت العلاقة بيننا حقيقية جدا كما شاهدها الجمهور المغربي. “مسخيناش من بعضنا”.
7. كيف تصف تعامل المخرج هشام الجباري معك أثناء تصوير مشاهدك؟ وما الذي ميّز أسلوبه في توجيه الممثلين، خاصة في المشاهد النفسية المعقدة؟
المخرج والأستاذ هشام الجباري، أوجه له تحية كبيرة من هذا المنبر. هو فنان قبل أن يكون مخرجا، ويعرف كيف يخرج أفضل ما في الممثل. العمل معه يمنحك الراحة، دون أي ضغط. خاصة في المشاهد الحساسة التي تتطلب تركيزا عاطفيا عاليا، كان يُوجّهني بلطف ويتركني أعبّر بطريقتي الخاصة. لهذا أقدّره كثيرا وأقولها بكل صدق: “عزيز عليا”.
8. ما هي مشاريعك المستقبلية؟
الجمهور المغربي سيراني قريبا في مسلسل “قفطان خديجة” للمخرجة المبدعة لميس خيرات، كما أشارك في مسلسل “أنا حرة” للمخرج الرائع اكساس . أتمنى أن تنال هذه الأعمال إعجاب الجمهور.
9. في ختام هذا الحوار، ما الكلمة التي توجهها لجريدة “سفيركم” ولمتابعيها الذين يحرصون على تتبع مستجداتك الفنية؟
أشكر جريدة “سفيركم” على اهتمامكم ومتابعتكم. وأشكر الجمهور المغربي من القلب على متابعته لمسلسل “على غفلة”. أنتم الوقود الحقيقي لكل فنان، ودعمكم هو الذي يمنحنا الطاقة للاستمرار والتطور.
كريم حدادي (صحافي متدرب)