موريال: عمر لبشيريت
كان مصطفى الوالي الرگيبي، أحد مؤسسي “البوليساريو” وأول زعيم لهذا التنظيم، طالبا بكلية الحقوق بالرباط سنوات السبعينيات من القرن الماضي.
مصطفى الوالي كان من ضمن طلبة الاستاذ فتح الله ولعلو، القيادي الاتحادي والذي تقلد حقيبة وزارة المالية خلال حكومة التناوب.
ويحكي فتح الله ولعلو، في مذكراته التي صدرت هذا الأسبوع عن المركز الثقافي للكتاب ببيروت في جزئين تحت عنوان “زمن مغربي.. مذكرات وقراءات”، وأعدها للنشر الصحافي والكاتب لحسن العسبي، أن مؤسس البوليساريو :”. كان طالبا صلبا من الناحية العلمية، بل نابغةً، وهذا راجعٌ أكيد لثقافة الصحراء التي تشبع بها عميقا، مثلما له تكوينٌ أكاديمي منفتحٌ على الإجتهادات العالمية. بالنسبة لي، فهو يُشبهُ إلى حد كبير محمد باهي حرمة ولد بابانا، المناضل المغربي الإتحادي والصحفي المبرز في تاريخ الصحافة الإتحادية والصحافة المغربية والمغاربية والعربية”.
ويقول فتح الله ولعلو، الذي كان استاذا للاقتصاد بكلية الحقوق بالرباط ورئيس سابق للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، متحدثا عم مصطفى الوالي، انه خلال امتحانات امتحانات سنة 1971،” طرحتُ فيها سؤالا حول تكوين الأسعار (هو سؤال غير سهل بالنسبة لطلبة الشعبة القانونية)، بُهِرْتُ حين وصلتُ إلى ورقة إجابته. لقد استعرض ما سبق وقدمتهُ لهم كأستاذ في الحصة بأسلوبهِ الخاص، بلغةٍ سليمة، قويةٍ ومُفْحِمَة، ما جعلني لم أتردد في أن أمنحه أعلى نقطة وهي 19 على 20، بل ترردتُ للحظةً أن أمنحهُ 20 على 20″.

ويتذكر فتح الله ولعلو، في مذكراته، كيف نظم لقاء بين نخبة الطلبة الصحراويين بزعامة مصطفى الوالي( الذين سيؤسسون “البوليساريو” فيما بعد)، مع عبد الرحيم بوعبيد، القيادي الاتحادي، ويقول:”ظلت علاقة مصطفى الوالي السيد بي قويةً، إنسانيا وأكاديميا، والسببُ راجعٌ إلى كوني كنتُ رئيسا للإتحاد الوطني لطلبة المغرب من قبل، وعضوا في الحركة الإتحادية وعضوا في النقابة الوطنية للتعليم العالي، حيث كان يَطمَئِنُّ هو لذلك بسبب مصاحبته لنضال منظمتنا الطلابية المغربية. إلى أن جاء يوم في سنة 1972، زارني فيه رُفقة رفاقه عمر الحضرمي والشيخ بيد الله، وطلبوا مني تنظيم لقاءٍ لهم مع عبد الرحيم بوعبيد، وأنهم قرروا أيضا ملاقاة علال الفاسي وعلي يعتة”.
كان موقف الطلبة الصحراويين، الذين سيصبحون زعماء ل “البوليساريو”، واضحا اتجاه مغربية الصحراء، خلال لقائهم بعبدالرحيم بوعبيد، لكنهم، بالمقابل، “عَبَّرُوا أمامه عن رغبتهم في تزويدهمبالسلاح لتحرير ما تبقى من الصحراء المغربية (هكذا كانوا يقولون عنها بصريح العبارة)”، كما جاء في المذكرات.
جواب القائد الاتحادي كان واضحا، وهو مالم يرتح له الوالي ورفاقه، إذ قال لهم:”إذا أردتم أن نُحارب إلى جانبكم من أجل تحرير الصحراء، نحن معكم. لكن أمر السلاح لسنا نحن من يمنحُ السلاح، بل الدولة هي التي تمنحه وبنظام”.
بعد أن غادر مصطفى الوالي ورفاقه مكتب عبد الرحيم بوعبيد، بشارع محمد الخامس بالرباط، وهم غير مرتاحين من جواب الزعيم الاتحادي، سيتلقون بالقيادي محمد اليازغي، لكن مصطفى الوالي سيشترط حضور فتح الله ولعلو. عن هذا اللقاء يحكي فتح الله ولعلو، في مذكراته، :”في الموعد الثاني مع اليازغي لم أرافقهم، مما خلق أزمة في باب بيت محمد اليازغي لأن مصطفى الوالي اشترط حضوري، قائلا إنه لن يدخل إذا لم أحضر (هذا ما أخبرني به الشيخ بيد الله أربعين سنة بعد ذلك). لكن رفاقه أقنعوه في نهاية الأمر بالدخول وتركوا لمحمد اليازغي وثيقةً مكتوبةً حول مغربية الصحراء. لكن بعد اعتقال اليازغي سنة 1973، ضاعت تلك الوثيقة ضمن الوثائق التي صادرها رجال الشرطة المغاربة من بيته”.
بعد هذه اللقاءات توجه مصطفى الوالي ورفاقه، صوب مدينة طانطان بالجنوب، حيث نظموا مظاهرات تُطالب باسترجاع الصحراء وتحريرها، وُوجِهَتْ بقمعٍ عنيف بأوامر من الجنرال محمد أوفقير.
ويخلص فتح الله ولعلو، في نفس المذكرات، إلى :”كانت النتيجة، بعد ذلك القمع، أن أجاب كل واحد بطريقته. مثلا الشيخ بيد الله انخرط مع الدولة المغربية، بينما مصطفى الوالي وعمر الحضرمي (الذي كانت له ميزة أنه لم يكن مُسجَّلاً بالكلية، بل كان يختارُ الأستاذ الذي يريدُ والمادة التي يريدُلتتبع دروسها، فَكَوَّنَ نفسه بنفسه)، اختارا معا التوجه صوب ليبيا”.
إقرأ أيضا: فتح الله ولعلو يتذكر (1): بوتفليقة كان يصف الحسن الثاني بـ”سِيدْنا”
ملحوظة: هذه المذكرات التي تنفرد “سيفركم” بنشر أوراقها الحصرية، ستأتي في حلقات متتابعة