شكلت فضيحة “المتاجرة بالشواهد” لحظة فارقة في واقع منظومة التعليم العالي بالمغرب حيث فتحت الأعين على ممارسات كانت بالأمس القريب في غياهب التستر وطي الكتمان.
وقال الأستاذ الجامعي، رشيد لبكر، علاقة بالملف إن “منظومة ديننا الحنيف، سطرت وصفة متكاملة لمحاربة الفساد ولم تقف عند ويل للمصلين”، مستشهدا بالحديث النبوي” لعن الله الراشي والمرتشي والرائش”، وبالتالي، فحسب لبكر “ليس من المنطق الوقوف فقط عند الفاسد، بل لا بد من توجيه أسهم النقد والمساءلة كذلك لمن يدفعه ويشجعه على الفساد، ولو بالصمت وعدم التبليغ”.
وتابع في تصريح خاص لصحيفة “سفيركم” الإلكترونية، أنه لا يمكن لكل من له ضمير وغيرة سوى إدانة سلوكات الفساد والاستغلال والزبونية والمحسوبية، مستدركا “لكن على أساس أن تطال الإدانة كل من له علاقة بدورة الفساد، من المنبع إلى المصب”.
ويرى المتحدث أنه من الظلم والحيف تخصيص قطاع التعليم العالي وحده ودون غيره بالهجوم، قائلا “ليس كل المشتغلين بالقطاع فاسدون، بل إن الغالبية منهم، يعملون، على العكس مما يظن البعض، في إطار من التضحية ونكران الذات، دافعهم الغيرة والوطنية”.
ولفت الأستاذ الجامعي في هذا الباب الانتباه لقلة الإمكانات وضغط الإكراهات، مشيرا إلى ماوصفه ب”العرض القيم” الذي خرج به وزير التعليم العالي، وسلط فيه الضوء الكاشف على واقع التعليم العالي والظروف المزرية التي يشتغل فيها العاملون بالقطاع على مختلف مستوياتهم.
لبكر أكد أنه من غير المقبول تعميم “جرم الأستاذ” على الجميع، موضحا أن شخصية الجريمة، واحدة من المبادئ الشهيرة للقانون التي تعارفت عليها كل أنظمة الحق والعدالة في العالم وعبر كل العصور ، إذ ” لا تزر وازرة وزر أخرى” .
المتحدث لـ”سفيركم” أكد بأن ما وقع أمر مشين ومقرف وغير معقول، مستدركا أن الأكثر منه، من يقبل على نفسه الحصول على دبلوم مقابل رشوة معينة، والأكثر سوءا منهما، من يعتمد الدبلوم المزور دون فحص حقيقي لمستوى صاحبه.
وأضاف أن المنظومة عبارة عن سلسلة مترابطة الحلقات، ولا يمكن تسليط سهام النقد على حلقة واحدة دون باقي الحلقات، وإلا “كنا كمثل من يصب الماء على الرمل”، وِفقا لتعبير المتحدث.
ونادى الأستاذ الجامعي بضرورة نهج مقاربة متكاملة، شجاعة ومسؤولة لمحاربة هذه الممارسات، مقاربة تبتدأ من خصلة التبليغ عن الفساد، على اعتبار أن السكوت عن الفاسدين و مجاراتهم ومداهنتهم هو ما يخلق ” فراعنة العصر” .
وأشار في سياق حديثه عن الحلول والبدائل، إلى هيئات الحكامة المهتمة بمحاربة الفساد ورصده، مؤكدا أن المشكل يتجلى في كون التواصل معها ضئيل ومحتشم، والسبب في نظر لبكر التطبيع مع قاعدة تقول ” تفوتني غير أنا ودجي فين بغات” الأمر الذي ينعش الفساد ويشجع الفاسدين.
لبكر ضمَّن من بين أسباب الفساد صمت المستفيدين من الوضع ، مفسرا أن الأستاذ المعني بهذه القضية، كان محاطا بلا شك بجماعات من ما سماهم ب”الحواريين” الذين يزينون له الأعمال، ما داموا مستفيدين من الوضع أو خائفين من زوال المصلحة.