أوضح الفنان المغربي، حسن فلان، أن الشخصية التي يجسدها في مسلسل “الشرقي والغربي” تشبه إلى حد كبير شخصيته الحقيقية، وأن مهارة الاندماج العميق مع الأدوار تأتي بعد سنوات من الممارسة، داعيا إلى إعمال الحب في جميع مناحي الحياة.
وتقاسم الفنان حسن فلان، في حوار أجراه معه موقع “سفيركم”، تفاصيل من مشاركته في مسلسل “الشرقي والغربي”، وانسجامه مع طاقم العمل، وكذا جديته واندماجه مع شخصية “الشرقي”، معرجا على الرسائل الهادفة والقضايا المجتمعية التي يعالجها المسلسل، وكذا علاقته مع أبنائه وحفيدته، إلى جانب تقييمه لواقع الدراما المغربية ثم جديده الفني.
وهذا نص الحوار:
–قربنا من الدور الذي تجسده في مسلسل “الشرقي والغربي”؟
أجسد في مسلسل “الشرقي والغربي” دور “الشرقي” أب عبد الله ديدان، رب عائلة متسلطة ولها وزن ثقيل في القرية التي تجري فيها أحداث العمل، لكن الأب مختلف تماما عن الأسرة، فهو شخص مسالم ينبذ العنف وينتصر للقيم، كما أنه لا يأبه للماديات ويريد أن يعيش في بساطة، كما نقول في المثل الشعبي المغربي “اللهم قليل ومداوم ولا كثير ومقطوع”.
–كيف كان اشتغالك مع طاقم المسلسل؟
بصراحة، لا يمكن أن أصف العمل معهم إلا بكلمتين، وهما: “جميل جدا”.
–هل طبيعة شخصيتك هي سبب انسجامك مع الطاقم الفني للمسلسل؟
نعم، الأمر يعتمد على طبيعة شخصية الممثل، التي يجب أن تتأقلم مع جميع الناس على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم وتوجهاتهم، يعني يجب أن يكون الممثل كما يقال بالفرنسية “Polyvalent” أي متعدد التخصصات، بمعنى قادر على الاندماج والتأقلم مع أي ظرف من الظروف.
–هل حس الفكاهة الذي تُعرف به كان حاضرا في مسلسل “الشرقي والغربي”؟
شخصيتي في مسلسل “الشرقي والغربي” كانت مختلفة جدا عن الشخصية الفكاهية التي اعتادها الجمهور، حيث حاولت في هذا العمل أن أندمج بعمق مع شخصية “الشرقي” وأعيش تفاصيلها، لذلك كنت جديا أكثر من اللازم، والحس الفكاهي كان نادرا ما يظهر، خاصة وأن دور “الشرقي” يحكي عن رجل ذو مبادئ، يفضل العيش وحيدا، ويرفض نقود ابنه والعيش في مزرعته الفاخرة.
–ذكرت أنك تندمج مع الشخصية، هل هذا هو سر نجاح بعض الممثلين مقارنة بآخرين؟
نعم الاندماج مع الدور هو سر النجاح، وإذا شاهدتم دوري في مسلسل “شوك الورد”، ستشعرون بأنني اندمجت بصدق مع دور الرجل المصاب بالزهايمر، لأن والدتي رحمها الله كانت مصابة به، لذلك شخصت الدور باحترافية أكثر من أي دور سابق، إلى جانب دور “عمي الخضر” في فيلم “لبنى وعمي الخضر”، الذي لعبت فيه دور رجل عاش في أمريكا وحيدا.
–هل مهارة الاندماج مع الشخصيات موهبة أم ملكة، أم أنها تُكتسب من الخبرة الطويلة؟
بلوغ الممثل لمرحلة الاندماج مع دوره تأتي مع التجربة والممارسة والقابلية لتعلم كل ما هو جديد، بعيدا عن التكبر أو ما يسمى في الدارجة المغربية بـ”قسوحية الراس”، وشخصيا أحب تعلم الجديد مِن مَن هم أصغر مني، ومن أي شخص يمكن أن يفيدني بأي معلومة كيفما كانت، والدليل هو مشاركتي في مرات عديدة مع طلبة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي أو شباب مهتمين بالفن، لأن المشاركة وتقبل الآخر يمكن أن يجعل الميدان الفني يكبر أكثر ويتوسع لطاقات جديدة.
–ما هي القضايا والرسائل التي يعالجها مسلسل “الشرقي والغربي”؟
يعالج المسلسل مجموعة من الرسائل، من بينها الدعوة إلى رفض الإقطاعية والتجرد من الإنسانية والمادية، إلى جانب الابتعاد عن الفردانية والأنانية، ويحاول تكريس مجموعة من القيم من قبل المساواة والرحمة والعطف على الآخرين والتفكير بهم لأن الحياة لا تساوي شيئا، ولا يمكن أن أتكلم عن المسلسل أكثر ممن كتبوه، ويتعلق الأمر بكل من نورة الصقلي، سامية أقريو وجواد الحلو.
–كيف نجح طاقم العمل في جعل المتلقي يتقبل بسلاسة ظاهرة المخدرات خاصة وأنها طابو في المجتمع المغربي؟
انطلقنا في هذا المسلسل من قناعة مفادها رفض كل ما من شأنه أن يخرب بلدنا ومجتمعنا، حتى لو كان من أقرب المقربين، و “الشرقي” الذي رفض ما يقوم به ابنه وفلذة كبده مثال قوي على ذلك، لأن حب الوطن والإنسانية أقوى من أي شيء آخر.
–ما تعليقك على محاولة مسلسل “الشرقي والغربي” إبراز ما تزخر به الثقافة المغربية من غنى وتنوع؟ ولا سيما إذا ربطناها بمحاولات السرقة المستمرة التي يتعرض لها التراث المغربي؟
نحن مجتمع يعشق وطنه ويفتخر بمغربيته، والمغربي يمكن أن ينزعج من بعض الأوضاع أو يرفضها، لكنه لا يتسامح أبدا مع من تسول له نفس المساس ببلده، وجميع المغاربة نشأوا على احترام وطنهم والحفاظ على العادات والتقاليد والرموز المغربية، التي من الواجب أن نمررها في قوالب مختلفة، ما يتطلب تظافر جهود الجميع، بحيث يجب على كل واحد أن يشتغل من موقعه، سواء الموسيقي أو المغني أو الممثل وغيرهم، بمعنى يجب أن نقف وقفة رجل واحد للدفاع عن وطننا، وأن لا نهمش هويتنا وكل ما يميز بلدنا.
–ما هي النقاط التي يتقاطع فيها دور “الشرقي” مع شخصيتك الحقيقية؟
دور “الشرقي” قريب جدا من شخصيتي الحقيقية، فالمشاهد التي تجمعني بأحفادي في المسلسل، وخاصة المشهد الذي ألعب فيه مع حفيدتي، يذكرني تماما بكيفية تعاملي الحقيقية مع حفيدتي “فنة”، فعلاقتي مع أبنائي، وأحفادي، والمقربين بصفة عامة هي نفس العلاقة التي صورها مسلسل “الشرقي والغربي”.
–وبما أننا نتحدث عن علاقة الآباء بالأبناء والأحفاد، ما هي رسالتك للفئة التي تنشغل بمشاغل الحياة وتهمل أبنائها؟
من المهم أن يكون الآباء على وعي بأهمية تقسيم حياتهم وإدارتها، إذ من المهم أن نُحدث توازنا بين عملنا وبين أبنائنا وحياتنا الخاصة، صحيح أننا جميعا نشتغل ونبحث عن قوت يومي، لكن يجب أن لا نهمل أبنائنا، وحين اتصلتِ بي الآن وجدتِني في المنزل أشاهد التلفاز مع بناتي وأتناقش معهن حول العمل الجديد الذي سأصوره بعد رمضان، وأستشير معهم لمعرفة تصورهم حوله، لأن هذا يمكن أن يفيدني، فالأبناء هم الدعامة التي تسندك حين تقع، وحين أقول أبنائي لا أقصد فقط البيولوجيين، بل جميع المغاربة، وأنتِ أيضا واحدة منهم!.
–ما هو تقييمك للمسار الذي تقطعه الدراما المغربية؟
كل شيء يسير نحو التطور، وبعيدا عن النقد القدحي؛ الأعمال التي نشاهدها هذه السنة ليست هي الأعمال التي شاهدناها في السنة الماضية أو التي سبقتها، ولا يجب أن تكون نظرتنا سوداوية فهناك ممثلين وممثلات في المستوى، فعلى سبيل المثال محمد الخياري في مسلسل “الدم المشروك” ليس هو محمد الخياري الذي اعتدنا عليه في السيتكومات، إلى جانب دنيا بوطازوت، وحقيقة ليس من السهل أن تلعب في هذا الكم من الأعمال وتتألق فيها جميعها بحيث أن كل دور لا يشبه الآخر، إضافة إلى ساندية تاج الدين، مريم الزعيمي، عبد الله ديدان وأيوب أبو النصر، الذين تخرجوا من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وشرف كبير أن يتوفر بلدنا على مؤسسة مثل هذه تنتج لنا كل سنة نجوما من هذه الطينة.
–في نظرك، ما هي الأمور التي يجب أن يتم الاشتغال عليها أكثر لتطوير الدراما المغربية؟
أنا لن أتكلم فقط عن الدراما، بل بصفة عامة عن الفن، الصحافة والسياسية وغيرها، لكي نتطور نحتاج كلمة واحدة مكونة من أربعة حروف، وهي “الحب”، يجب أن نحب بعضنا البعض كي نصل إلى المبتغى، فالصحفي يجب أن يحب من يتقاسمون معه المهنة، والممثل يجب أن يحب الممثلين الآخرين، فبالحب يمكن أن نبدع أكثر ونحقق مجموعة من الإنجازات سواء رياضيا أو ثقافيا أو سياسيا، فمثلا إن كان حب وزير معين لبلده أقوى من حبه لمصالحه الشخصية، ستسير البلاد في منحى جيد، والدليل على ذلك هو محمد المهدي بنسعيد؛ وزير الشباب والثقافة والتواصل، الذي حقق مجموعة من الإنجازات، وعلى الرغم أنه ما نزال في حاجة لمجموعة من الأمور، لكن لا يمكن أن يتحقق كل شيء دفعة واحدة بل يتم ذلك بالتدريج.
–وفي الأخير، ما هي المشاريع الفنية المستقبلية التي تحضر لها؟
أحضر حاليا لعملين، أولهما؛ مع المخرج إدريس الروخ، وثانيهما؛ مع المخرج مراد الخوضي، سيتم البدء في تصويرهما بعد شهر رمضان.
صور حسن فلان من كواليس مسلسل “الشرقي والغربي”:




