في ذاكرة المغرب، أيام مجيدة تلك التي تفصل بين 16 و18 نونبر من كل سنة، لأنها تعود بنا إلى زمن تقاسم فيه المغاربة فرحة عودة الملك من المنفى، كحدث مفصلي مهد لنيل المملكة لاستقلالها، كما يكرس قيم “تمغربيت” النبيلة، ويذكرنا أنه مهما حدث فقوة التحام وصمود الملك وشعبه لن تفرقها أبدا الأحقاد الأجنبية.
غدا الخميس، يوم ليس كباقي الأيام، ففيه تجرع المغاربة من كأس الحرية، وطووا فيه صفحة مع ظلم وعتمة الاستعمار، وتوجت فيه ثمرة سلسلة من الكفاح الوطني الطويل، في هذا اليوم عاد الملك محمد الخامس من المنفى، الذي أرسلته إليه فرنسا، ظنا منها أنها ستقطع روابطه بشعبه، وتوقف الزاد الذي يتزود منه المغاربة للوقوف صامدين في وجه من يحاولون سرقة الوطن.
ولن ينسى التاريخ أبدا خطاب الملك التاريخي الذي ألقاه في مدينة طنجة، والذي جاء محملا بعبارات مساندته للحركة الوطنية، ما جعل فرنسا تتخذ خطوة نفيه إلى جانب الأسرة الملكية إلى كورسيكا في سنة 1953، ومنها إلى مدغشقر في 1954.
وبمجرد أن وصل خبر نفي الملك محمد الخامس إلى الشعب المغربي، حتى عبر عن سخطه عن فرنسا التي لم يكن راضيا عنها أبدا، ليقرر أن يثور ثورة كبيرة من شأنها أن تزيح بساط السلطة من تحت الدولة المستعمرة، من أجل أن يجبرها على أن تعيد للشعب ملكه، وحاميه ورمزه المقدس، الذي كان كل مغربي في كل شبر من أرض هذه المملكة الشريفة مستعد لأن يضحي بحياته لأجله.
وكما أن لكل مجتهد نصيب، فتح أمام المغاربة الباب الذي طرقوه، لكن الذي فتحه لم تكن فرنسا، بل كانت إرادة شعب قوية وأمل أمة كبير، ومشيئة قدر أراد لهذه المملكة أن تكون خالدة، فما كان منه إلا أن أعاد الملك إلى شعبه في 16 نونبر 1955، وسط الهتافات والزغاريد والفرحة العارمة.
وتوالت المسرات آنذاك على الشعب المغربي، حيث بعد يومين من عودة الملك من المنفى، زف هذا الأخير، في الـ18 من نونبر، رفقة المغفور له الحسن الثاني، أن المغرب أصبح حرا وأن عهد الاحتلال قد ولى، معلنا عن بداية عهد جديد للمملكة المغربية عنوانه الدفاع عن الوحدة الترابية، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تضمن لكل مواطن العيش الكريم.
تعليقات( 0 )