في وقت تحتاج فيه القضية الفلسطينية إلى تكاثف حقيقي وتضامن صادق، تحوّلت إحدى المبادرات الإنسانية النبيلة الموجهة لدعم سكان غـ.زة إلى محاولة مكشوفة لاستهداف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، في استغلال فاضح للقضية الفلسطينية من طرف النظام الجزائري حسب وصف الكثيرين.
وحسب ما اطلعت عليه “سفيركم”، فإن القافلة “الجزائرية–التونسية”، التي انطلقت بدعوى إيصال الدعم إلى معبر رفح، أثارت جدلا في وسط العديد من المغاربة عقب تداول صور تُظهر خرايطة للمغرب مبتورة من صحرائه، واستبعادا متعمّدا للعلم المغربي من بين الرايات المرفوعة على مركبات المشاركين.
هذه التصرفات تشير، وفق العديد من المهتمين بالعلاقات المغاربة، إلى أن ما قُدّم كتحرك إنساني لا يخلو من أبعاد سياسية موجهة، وأنه اختُرِق بشكل واضح من طرف أجندات معادية للمغرب، على رأسها النظام الجزائري، الذي ما فتئ يوظف القضية الفلسطينية لخدمة مصالحه الضيقة المرتبطة بدعم الانفصال وزعزعة استقرار الجيران.
استبعاد العلم المغربي، واعتماد خريطة مبتورة، لم يكن صدفة أو “خطأ تقنيا” وفق رأي العديد من المهتمين، بل يعكس نية مبيّتة لضرب الرمزية الوطنية للمغرب، وتوظيف منصة إنسانية لاستفزاز الرأي العام المغربي.
وتشير مصادر من المجتمع المدني إلى احتمال وجود عناصر مخترقة ضمن هذه القافلة، تُحرّكها جهات معروفة بعدائها التاريخي للمملكة، وعلى رأسها النظام الجزائري الذي يستغل أي مناسبة لتعزيز أطروحة الانفصال والتشويش على سيادة المغرب على صحرائه.
ومعروف أن المغرب الذي يرأس ملكه لجنة القدس، جعل من دعم القضية الفلسطينية أحد ثوابت سياسته الخارجية، إلى درجة اعتبارها قضية وطنية، ما يعكسه الحضور الدائم للمغرب في كافة المبادرات الداعمة للشعب الفلسطيني، سواء ميدانيا أو دبلوماسيا أو إنسانيا.
وفي هذا السياق، يظهر جليا التناقض بين النهج المغربي المتزن والمسؤول، وبين محاولات أطراف إقليمية – على رأسها الجزائر – توظيف المأساة الفلسطينية لإعادة إنتاج مواقف عدائية تجاه المملكة، باستخدام أدوات التضامن لغايات سياسية.
وتطرح هذه الحادثة أكثر من علامة استفهام حول النوايا الحقيقية للجهات المنظمة، خصوصا أن غياب التنسيق مع الفاعلين المغاربة في دعم فلسطين، والاستبعاد المتعمد لأي حضور مغربي، يضرب جوهر التضامن العربي والمغاربي في الصميم، ويحوّل القافلة إلى أداة تفرقة بدل أن تكون رسالة وحدة.