في وقت عانى فيه السوريون ويلات الحرب، والنزوح، والفقر المدقع، تكشفت حقائق جديدة حول عمليات تهريب الأموال التي نفذها نظام بشار الأسد ودائرته المقربة إلى روسيا.
وفي تحقيق صحفي نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، كشفت الوثائق أن المصرف المركزي السوري نقل ما يقرب من 250 مليون دولار نقدًا إلى موسكو بين عامي 2018 و2019، على شكل شحنات من الأوراق النقدية بالدولار واليورو.
وأوضح التقرير أن نظام الأسد، في ظل عقوبات غربية خانقة ونقص حاد في العملات الأجنبية، لجأ إلى تهريب الأموال نقدا عبر طائرات إلى روسيا.
وحملت هذه الشحنات ما يزن طنين من الأوراق النقدية من فئة 100 دولار و500 يورو، حيث هبطت الطائرات في مطار فنوكوفو بموسكو ليتم إيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات.
وأظهرت الوثائق، حسب التقرير البريطاني، أن هذه العمليات تمت في وقت كانت فيه احتياطيات النقد الأجنبي السورية “شبه معدومة”، ورغم ذلك، استخدم النظام الأموال لدفع ثمن القمح الروسي وخدمات طباعة العملة ونفقات عسكرية أخرى.
وتزامنت هذه التحويلات النقدية مع تقارير عن قيام عائلة الأسد ودائرته بشراء عقارات فاخرة في موسكو؛ وابتداء من عام 2013، امتلكت العائلة ما لا يقل عن 20 شقة فاخرة في العاصمة الروسية، باستخدام ترتيبات مالية معقدة.
وكشف التقرير أن بعض أفراد العائلة، مثل إياد مخلوف، ابن خال الأسد، أنشأوا شركات عقارية في روسيا لنقل وتبييض الأموال المهربة.
وأكد إياد حميد، الباحث في برنامج التطوير القانوني السوري، للصحيفة البريطانية أن “الفساد في عهد الأسد لم يكن هامشيا أو عرضيا، بل كان وسيلة للحكم”.
وأوضح الباحث السوري أن النظام استغل موارده المنهوبة ليس فقط لضمان استمرار الحرب، بل أيضا لإثراء عائلته وحاشيته، مشيرًا إلى تورط النظام في أنشطة غير قانونية مثل تهريب المخدرات والوقود لزيادة موارده المالية.
وبينما كان النظام يهرب الأموال إلى روسيا ويؤمن حياة مترفة لأفراد عائلته، كان الشعب السوري يعاني من كارثة إنسانية؛ ملايين السوريين نزحوا داخل البلاد أو لجأوا إلى الخارج، كانوا يعيشون في ظروف مأساوية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وبدلاً من توجيه الموارد لمعالجة الأزمة، اختار النظام استنزاف ثروات سوريا ونقلها إلى الخارج.
وأظهرت الوثائق أن روسيا لم تكن مجرد داعم عسكري للأسد، بل شريكا اقتصاديًا مستفيدا، فإلى جانب الأموال المهربة، دخلت الشركات الروسية في صفقات لاستغلال موارد سوريا مثل الفوسفاط، وفرضت سيطرتها على قطاعات استراتيجية، كما أصبحت روسيا ملاذا آمنا لأموال النظام، مما ساهم في التهرب من العقوبات الغربية.