سلط كتاب صدر مؤخرا، الضوء على سقوط النيازك في المغرب، ما أكسبه شهرة عالمية في العقود الأخيرة، متسائلا عن أسباب سقوطها المتكرر في الأراضي المغربية، وكذا دورها في دعم الاقتصاد المحلي وتطوير البحث العلمي.
وأوضحت مجلة “Wired” في مقتطف نشرته من كتاب “النيازك: لقاءات مع الفضاء الخارجي والزمان العميق” للكاتبة هيلين غوردون، أن سقوط النيازك بكثرة في المغرب، يفسر بمجموعة من العوامل الطبيعية والجغرافية، حيث أن الصحراء الشاسعة ذات المناخ الجاف تساعد في الحفاظ على هذه الصخور الفضائية لفترات طويلة دون أن تتآكل أو تختفي تحت تأثير العوامل الجوية.

وواصل المصدر ذاته أن لون النيازك الداكن يجعل من السهل العثور عليها في رمال الصحراء المغربية التي تتميز بلون فاتح، بالمقارنة مع بيئات أخرى، مثل الجبال أو الغابات الكثيفة، حيث يصعب تمييزها عن الصخور الأخرى.
وذكر الكتاب أن النيازك التي تسقط في المغرب لم تستأثر باهتمام العلماء فقط، بل أصبحت مصدر دخل للعديد من الأسر المغربية، ولا سيما في المناطق الصحراوية، من قبيل “أرفود” التي تعد من المراكز الرئيسية للتجارة بهذه الأحجار.
وأشارت المجلة إلى أن الرحل والسكان المحليين بدأوا منذ التسعينيات، في البحث عن أحجار النيازك، موظفين خبرتهم وقدرتهم على التعرف على الصخور المختلفة أثناء تنقلهم في الصحراء.
وأورد الكتاب تصريح أحد الباحثين عن النيازك لصحيفة “Middle East Eye”، قال فيه: “اعتدت أن أنظر دائما إلى الأرض أثناء رعي القطيع، وهذا ما ساعدني في اكتشاف هذه الأحجار الفريدة”، مبرزا أن هذه المهارة تحولت فيما بعد إلى مصدر رزق لمجموعة من الأسر المغربية، التي أصبحت تعتمد على بيع النيازك للتجار المحليين والدوليين.
وبدورها، أكدت حسناء شناوي؛ بروفيسورة وعالمة متخصصة في دراسة النيازك، على ضرورة الحفاظ على جزء من هذه الثروة العلمية داخل المغرب، موضحة أن بيع هذه النيازك دون توثيق علمي، يحرم البلاد من فرصة إنشاء أرشيف وطني يمكن الاعتماد عليه في الأبحاث المستقبلية.
وقالت شناوي: “أنا لا أعترض على بيع النيازك، فهي توفر مصدر رزق للعديد من الأشخاص، لكن من غير العدل أن تُصدَّر جميعها دون أن يبقى أي منها في المغرب”.
وأردف الكتاب أن العالمة المغربية تعمل من هذا المنطلق، على شراء بعض النيازك بمالها الخاص من أجل إنقاذها من البيع لجهات أجنبية، كما أنشأت معرضا متنقلا لتوعية المغاربة بأهمية الحفاظ على هذه الصخور، باعتبارها جزءا مهما من تراثهم العلمي.
ولفت بعض الخبراء إلى انتهاء “المرحلة الذهبية” لتجارة النيازك في المغرب، مضيفا أن المغاربة أصبحوا أكثر وعيا بقيمة ما يعثرون عليه، ما يدفعهم إلى المطالبة بأسعار أعلى، وذلك في وقت تراجع فيه عدد النيازك المكتشفة ذات الجودة العالية، بعد العثور على معظم القطع الكبيرة والنادرة.
وخلص هذا المقتطف من الكتاب سالف الذكر، إلى الإشارة إلى أن المغرب يحظى بمكانة مهمة في تجارة النيازك، ليس فقط باعتباره مصدرا لها، بل أيضا كمركز علمي لدراستها، حيث ساعدت جهود العلماء المغاربة، على تعزيز التعاون مع مراكز الأبحاث الدولية، لمنح الطلبة المغاربة فرصا جديدة للقيام بدراسات معمقة حول النيازك.