يترقب أفراد الجالية المغربية في الوقت الراهن بتخوف، التقدم الذي تحرزه الأحزاب اليمينة المتطرفة في الانتخابات الأوروبية، لا سيما وأنها معروفة بمواقفها المعادية للمهاجرين والمسلمين، وأنها وضعت قضية الهجرة في صلب حملاتها الانتخابية.
وكان تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي في سنة 2022، قد كشف أن عدد المغاربة المتواجدين في أوروبا يبلغ ما مجموعه 4.5 ملايين، أي ما يعادل حوالي تسعين بالمائة من مغاربة العالم.
وذكرت تقارير إعلامية دولية أن الانتخابات الأوروبية، التي تجرى كل خمس سنوات، والتي انطلقت يوم الخميس 6 يونيو الجاري إلى غاية يوم الأحد 9 يونيو، شارك فيها أزيد من 370 مليون مواطن أوروبي، ينتمون لـ 27 دولة أوروبية، من أجل تحديد 720 سياسي سيمثلهم وينوب عنهم داخل البرلمان الأوروبي.
وأفادت تقارير دولية أخرى أن اليمين المتطرف استطاع أن يحصد مكاسب مهمة، عززت من موقعه في المشهد التشريعي الأوروبي، وخاصة في الدول التي تحظى بتمثيلية كبيرة داخل برلمان الاتحاد، ويتعلق الأمر بكل من ألمانيا بـ96 نائباً، تليها فرنسا بـ81 نائباً، ثم إيطاليا بـ76 نائباً، فيما تعتبر مالطا ولوكسمبورغ وقبرص الأقل تمثيلا بما لا يزيد عن 6 نواب لكل دولة.
وتابعت المصادر ذاتها أن النتائج الكبيرة التي حققها اليمين المتطرف في أوروبا تسببت في هزيمة نكراء وانتكاسة مريرة لزعماء أكبر الدول تمثيلية في برلمان الاتحاد، ويتعلق الأمر بكل من المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن بعد هزيمة حزبه حلّ الجمعية العامة (البرلمان الفرنسي)، داعيا إلى إجراء انتخابات تشريعية في الـ30 من يونيو الجاري.
وقال تقرير آخر نشرته صحيفة “ذا واشنطن بوست” إن هذه الانتخابات ستسفر عن اختيار كل من أعضاء المفوضية الأوروبية، والهيئة التنفيذية للاتحاد، إلى جانب من سيحظى بكرسي رئاسة المجلس الأوروبي، والذي ستخول له مهمة تحديد الاتجاهات السياسية العامة للاتحاد، باعتباره الهيئة المكلفة باتخاذ القرارات الاستراتيجية.
ورجحت وسائل إعلام دولية أن يتسبب تقدم اليمين المتطرف أو فوزه بالانتخابات، في تشديد القيود على عمليات استقبال المهاجرين واللاجئين أكثر مما هي عليه، مشيرة إلى أن خطاب الكراهية والعنصرية الذي تتبناه هذه الفرق الحزبية يمكن أن يزيد من حدة تصعيد الأجواء السلبية تجاه الجاليات المغربية والعربية والمسلمة بصفة عامة في أوروبا، والتي كانت قد وظفها اليمين المتطرف في حملاته الانتخابية لاستقطاب المزيد من الأصوات، من خلال الترويج لفكرة أن حل مسألة الهجرة سيضمن مستقبل أفضل للقارة الأوروبية.
وبدوره، توقع تقرير صادر عن الوكالة الدولية للأنباء “بلومبرغ”، أن يطالب اليمين المتطرف بمجرد تمكنه من السلطة، بفرض المزيد من الإجراءات والقوانين الصارمة على مراقبة الحدود، بالإضافة إلى نهج سياسات من شأنها أن تحدث تخفيضات جذرية في أعداد استقبال المهاجرين، وتعرقل عملية وصولهم إلى القارة الأوروبية، مشيرا بذلك إلى أن هذا السيناريو لا محيد عنه، لا سيما بعد موافقة الاتحاد الأوروبي في السابق على ميثاق الهجرة واللجوء الجديد.
أما مجلة بوليتيكو، فقد توقعت أن لا تفلح أحزاب الوسط واليسار الديمقراطي في عرقلة وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في البرلمان الأوروبي، حيث نقلت عن مسؤول في تحالف الشعب الأوروبي اليميني الوسطي قوله أن “الأحزاب التقليدية في أوروبا، عرت عن عدم تمكنها فعلا من معالجة ملفات القارة التي أصبحت تتخبط في مشاكل من هنا وهناك، وأنه بفوز اليمين المتطرف لا يمكن أن نتوقع تداعيات إيجابية، خاصة أن أفكاره ذات نزعة متطرفة، ولديه تمسك متطرف بالقيم الوطنية وبالهوية السياسية والثقافية واللغوية، ويتسم بميل شديد للمحافظة الدينية المسيحية ومعاد للأجانب وللمسلمين ولغير البشرة البيضاء”.
تعليقات( 0 )