سجل مراقبون أن مظاهرات فاتح ماي بالعاصمة المغربية، مرت هذه السنة، بدون الزخم الذي كانت عليه مسيرات المركزيات النقابية في السنوات السابقة، حيث لوحظ تراجع أعداد المظاهرات ونسب المشاركة فيها.
وتفرقت مسيرات النقابات العمالية، في الرباط في مواقع الإنطلاق ومسارات الإحتجاج، وتوحدت في الوجهة نحو قبة البرلمان، وفي شعارات التنديد بأوضاع الطبقة العاملة والشغيلة، والمستخدمين وموظفي الإدارات العمومية والتعليم، كما وحدتها شعارات التضامن مع فلسطين.
غير أن الطابع على احتجاجات هذه السنة، هو غياب ذلك الزخم الاحتجاجي الذي كان يطبع مسيرات فاتح ماي، إضافة إلى غياب وجوه نقابية وسياسية كبيرة، كانت تتبوأ منصات النقابات في إحياء هذا اليوم دعما للعمال والشغيلة المغربية.
وفي هذا السياق قال رشيد لبكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بوشعيب الدكالي، أنه “يمكن القول أن العمل النقابي برمته تراجع، وفقد الكثير من الوهج الذي كان يتمتع به، لأجل ذلك، فمن الطبيعي أن يمر عيد الشغل متأثرا بهذا الخفوت، طبعا لا ننكر الدور الحيوي والمهم الذي يمكن أن تلعبه النقابات كإحدى اهم المكونات التمثيلية للدفاع عن حقوق المواطنين”.
وعبر الأستاذ الجامعي عن أسفه إزاء هذا الواقع، قائلا ” فباستثناء بعض المسيرات العمالية الباردة، و الشعارات البالية، لا نسجل حضورا قويا الطبقة الشغيلة، ومن يمثلها من نقابات في عيد يومهم العالمي، ربما لأن النقابات، كما الأحزاب، لم تعد بذلك التأثير القوي الذي كنا نسجله عليها ذات زمن”.
ولفت المحلل السياسي إلى أنه “ولكي تقوم النقابات بأدوارها على أحسن وجه، يلزم أن تكون البيئة التي تشتغل فيها هذه النقابات ذات نفس ديموقراطي كاف لضمان بقائها واستمرارها ، سواء على مستوى هياكلها الداخلية، أو على مستوى مساحات العمل المتاحة أمامها الاشتغال”.
وسجل المتحدث على أن “النقابات فقدت كثيرا من استقلاليتها، وأضحت منظمات احتياط حزبية، بعد أن فقدت مسافة “الأمان” الضرورية بينها وبين الأحزاب”، مشددا “على أن النقابات هي من أقوى منظمات الحشد والتعبئة، لذا فمن أسس وجودها وبقائها، حدة اللغة وقوة الخطاب وكاريزما الزعامة، إذ لا مهادنة في الخطاب النقابي، إلا بالقدر الذي يحقق المكتسبات وينتزع الحقوق، وإلا فقد العمل النقابي معناه وضعفت قدرته على التأثير”.