لطيفة أحرار، اسم من بين أسماء مغربية معدودة، حجزت لنفسها مكانا بين الكبار، آمنت بحبها للفن وعشقت المسرح منذ الطفولة، فلم يكن منها إلا أن سارت خلف حبها وشغفها، اللذان قاداها في رحلة استثنائية، أدخلتها في دروب لم تكن لها في الحسبان، فجالت بها تارة بين خشبات المسرح، وتارة أخرى بين شاشات السينما والتلفزيون، ومنها إلى أروقة المعاهد ومسؤولية إدارتها، لتجود عليها بعد مسار طويل بعضوية مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي.
ولدت الفنانة المغربية لطيفة أحرار في الـ12 نونبر 1971 بمدينة مكناس، لوالدين أمازيغيين ينحدران من جبال الأطلس المتوسط، ما جعلها تنشأ في بيئة أمازيغية كان لها الفضل في تكوين فنانة ذات تجربة ثقافية غنية، بفضل تنقلها المستمر خلال فترة طفولتها من منطقة لأخرى، بين مدن فاس، وطانطان، ووجدة، وجرسيف وغيرها، نظرا لطبيعة عمل والدها العسكري.
ولمست لطيفة أحرار في نفسها منذ الطفولة بوادر فنانة عظيمة، وحين بلغت المراهقة تأكدت من أنها تكن حبا كبيرا للفن، دفعها إلى السير خلف صوت داخلي كان في كل مرة يملي عليها أن تسلك طريق الفن، فدرست تقنيات التشخيص والتعبير الجسدي في المركز النموذجي للتكوين المسرحي بالرباط، وفي سنة 1994 تخرجت من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، فأصبحت بعدها أستاذة بنفس المعهد الذي ستشتغل فيه فيما بعد، أي في سنة 2022 منصب المديرة.
وشاركت لطيفة أحرار في مجموعة من الأعمال المسرحية والسينمائية، مثل مسرحية “كفر ناعوم أوطو – صراط 2010” التي تولت أيضا إخراجها، والتي كانت قد جرت عليها وابلا من الانتقادات بعدما ظهرت فيها بملابس السباحة كنوع من الجرأة الفنية، كما أدت أدوارا مختلفة في عدة أفلام، من بينها “منى صابر” في 2001، و”بزداز” 2002، إضافة إلى “أبواب الجنة” 2006 و”نساء في مرايا” 2011، “عايدة” 2015، ثم “ضربة في الراس” 2017، وكذا “واحة المياه المتجمدة” 2024.
وبما أن روحها تواقة دائما للمزيد، وشغفها لا ينضب، فقد تابعت دراستها في سلك الماستر السينمائي بجامعة عبد المالك السعدي، وشاركت في مجموعة من المسلسلات، من قبيل: “من دار لدار”، و”ساعة في الجحيم” و”طريق الورد” 2023 و”دار السلعة” 2021 وغيرهم، كما أنجزت عدة أفلام وثائقية من بينها: “بنت الريح”و “السفر الأخير” عن والدها الراحل، الذي ظلت مرتبطة به نفسيا ووجدانيا، حيث أدخلها هذا العمل المسابقة الرسمية لمجموعة من المهرجانات.
ولم تكتف عاشقة كتابات تينيسي ويليام، وفاسبيندر، وهارولد بينتر، بهذا فقط، بل ارتأت أن تكتشف آفاقا أرحب، فولجت مجال الإخراج، فارتدت عباءة المخرجة، وأخرجت للوجود أعمالا فنية من قبيل: “دون كيشوح” و”بنت الريح”، كما ترجمت عددا من السيناريوهات الخاصة بمجموعة من الأفلام التي كانت تشارك في تظاهرات فنية وطنية وعربية، إلى جانب حصولها على جوائز عديدة في مناسبات وطنية ودولية.
اليوم تجد لطيفة أحرار نفسها عضوة بالوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي. وهو تعيين لاقى انتقادات من لدن البعض، فيما اعتبره آخرون تتويجا طبيعيا لمسار أحرار الأكاديمي.
ويهدف عمل هذه الوكالة خلق بيئة ملائمة ووضع نظام يتصف بالجودة للتعليم العالي، ويرتكز على التنافسية والتنوع والضبط، وكذا المساهمة في تحسين الجودة والرفع من أهمية التعليم العالي والبحث العلمي، وهي مسؤولية جديدة ستكون في يد أحرار.