كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن حلفاء المغرب داخل مجلس الأمن الدولي، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، نجحوا في انتزاع اعتراف أممي “غير مسبوق” بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كأساس واقعي للتفاوض حول قضية الصحراء.
وأوضحت صحيفة “لوموند“، في تقرير نشرته، اطلع عليه موقع سفيركم الإلكتروني، أن هذه الخطوة جاءت عقب تصويت المجلس، يوم أمس الجمعة 31 أكتوبر، على قرار جديد تم اعتماده بأغلبية 11 صوتا من أصل 15، حيث أن ثلاث دول فقط من امتنعت عن التصويت، فيما غاب عضو واحد عن الجلسة، وهو ما اعتبرته الصحيفة “انتصارا دبلوماسيا مهما للمغرب” في نزاع يعود تاريخه إلى أكثر من خمسة عقود.
وأضافت أن القرار الذي صاغته واشنطن وساندته باريس بقوة، أقرّ بأن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها الرباط سنة 2007 تمثل “الأساس الأكثر واقعية وموضوعية” لتسوية النزاع، في وقت يواجه فيه مقترح جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تراجعا متزايدا في تأييد المنتظم الدولي.
وذكرت لوموند أن هذا الاجتماع كان مخصصا لتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء المغربية (المينورسو)، غير أن الحلفاء الغربيين للمغرب استغلوا المناسبة لإعادة صياغة مقاربة مجلس الأمن للقضية، بما يتماشى مع الطرح المغربي والتحولات الدبلوماسية التي يشهدها الملف منذ اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء أواخر سنة 2020.
وواصلت “لوموند” أن هذه الدينامية كانت قد دفعت عددا من الدول الأوروبية الكبرى، من قبيل: إسبانيا وألمانيا وفرنسا، إلى الاصطفاف بشكل واضح خلف المقاربة المغربية، ما جعل الظرف مواتيا لترجمة هذا التوجه داخل أروقة للأمم المتحدة، واصفة تصويت الجمعة في بـ”المحطة الفاصلة”، إذ دعت الوثيقة إلى مفاوضات تُبنى على أساس المقترح المغربي.
وأكدت الصحيفة أن القرار الأخير يمثل “تحولا حقيقيا” في لغة الأمم المتحدة، إذ إنه للمرة الأولى يشير صراحة إلى أن “الحكم الذاتي هو الحل الأكثر واقعية” للنزاع، وهي صيغة لم تكن واردة بهذا الوضوح في أي قرار سابق.
ولفتت “لوموند” إلى أن النص النهائي جاء بعد مفاوضات معقدة بين واشنطن وباقي أعضاء المجلس، إذ اضطرت الولايات المتحدة إلى تعديل بعض العبارات نزولا عند تحفظات الجزائر وحرصا على تجنب فيتو روسي أو صيني، إذ جرى تقليص عدد الإشارات إلى الخطة المغربية من ست إلى أربع، وتم تخفيف العبارة التي كانت تقدمها باعتبارها “الحل الوحيد الممكن”، لتصبح “الحل الأكثر واقعية”.
وأفادت صحيفة “لوموند” نقلا عن مصادرها الديبلوماسية، أن الصيغة النهائية رسخت بشكل عملي مركزية المقترح المغربي، خاصة أن الإشارة إلى خطة البوليساريو المقدمة سنة 2007 حُذفت بالكامل، بشكل عزز حقيقة أن الرؤية المغربية باتت المرجع الأكثر جدية وواقعية داخل الأمم المتحدة.
وأبرزت الصحيفة أن الجبهة الانفصالية عبّرت عن استيائها من القرار، حيث أوردت تصريح أحد قياديها الذي أعرب عن رفضه للقرار الأممي، قائلا: “القرار لا يزال منحازا للمغرب رغم التعديلات”، منتقدا ما وصفه بـ“التمرير القسري” من قبل الولايات المتحدة.
كما تطرقت “لوموند” إلى البعد الإقليمي للملف، مشيرة إلى أن إدارة ترامب تسعى إلى دفع الجزائر والمغرب نحو “اتفاق سلام خلال ستين يوما”، وفق تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي أكد أن حل قضية الصحراء “سيفتح الباب أمام تسوية الخلاف الجزائري المغربي”.

