أكد مشاركون في ندوة، نظمت مساء أمس الأربعاء بليون، أنه بعد مرور خمسين عاما على ملحمة المسيرة الخضراء، ما يزال الزخم الموحد الذي انبثق عنها يُلهم كفاءات الجالية المغربية عبر العالم.
وأبرز المشاركون في هذا الحدث، الذي بادر إلى تنظيمه القنصل العام للمغرب في ليون بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، أن هذا الإرث الاستثنائي، الذي تحمله رؤية ملكية طليعية ومتجددة، يتحول إلى رافعة قوية للتنمية والاندماج الجهوي.

وسجلوا أن الأمر يتعلق بدينامية يستفيد منها جميع الفاعلين، بما في ذلك مغاربة العالم، الذين يُعدّون ركيزة قوية للاقتصاد الوطني المتنامي.
وأكد عبد العزيز تقي، الأستاذ المحاضر بجامعة جان مولان (فرنسا)، أن المسيرة الخضراء تميّزت بروحها السلمية والموحدة، وموجّهة في الوقت نفسه نحو التنمية الواسعة للأقاليم الجنوبية، والاندماج الإفريقي للمملكة، وإبراز موقع المغرب كقوة استقرار في الممر الأطلسي-الساحلي.
وأضاف أن المغرب كرس، تدريجيا، نموذجا تنمويا فريدا من نوعه في المنطقة، مبرزا للعالم أن السيادة تُبنى على الشرعية التاريخية، وعلى التلاحم بين العرش والشعب، وعلى انخراط هذا الأخير.
وفي هذا السياق، أبرز السيد تقي الانخراط الكامل لأفراد الجالية المغربية في مسار التنمية الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كما تشهد على ذلك حضورهم القوي في قطاعات واعدة مثل الصناعة والسياحة والابتكار والخدمات.
من جانبها، تطرقت القنصل العام للمغرب في ليون، فاطمة بارودي، إلى المحطات التاريخية لملحمة المسيرة الخضراء، مؤكدة أنها حدث تاريخي وفعل مؤسس في مسار الوطنية المغربية.

وأبرزت الدبلوماسية أن هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ المملكة لا يمكن إلا أن تشكّل صلة وصل بين الذين عاشوا أحداثها والأجيال الشابة، مشيرة إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 2797 بشأن الصحراء المغربية يفتح عهدا جديدا من الاستقرار والتعاون والازدهار لفائدة مجموع المنطقة.
وأضافت أن هذا الانخراط المتجدد لمغاربة العالم يُجسد وجاهة الرؤية الملكية من أجل مغرب موحد، منفتح على العالم، وجهاته مترابطة ومزودة ببنيات تحتية متقدمة.
وخلال هذه الندوة التي نُظمت تحت شعار: “المسيرة الخضراء: 50 سنة من الوفاء ومساهمة الجالية المغربية من أجل مغرب الغد”، قدّم عدد من أفراد الجالية المغربية شهادات حول كيفية نقل قيم هذه الملحمة المجيدة والدروس المستخلصة منها.
وينطبق هذا بشكل خاص على نور صادق، التلميذة في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، التي اختارت لمشروعها الدراسي موضوع “النقل التاريخي بين الأجيال: نموذج المسيرة الخضراء”.
وأوضحت أنها تناولت الموضوع من زاوية إبراز نجاح القوة الناعمة للمغرب، بالإضافة إلى كونه قصة تُحكى للأجيال الجديدة عبر الموسيقى والفن والتاريخ المكتوب ووسائل أخرى.
كما دعا المتدخلون خلال هذه الأمسية إلى تعزيز مساهمة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج في أوراش التنمية بالمملكة. وأكدوا أن المسيرة التي انطلقت قبل 50 سنة ما تزال مستمرة بعزم وإصرار تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، وتتخذ شكل مسيرة ازدهار وتقدم وسلام دائم.
وخلصوا إلى التأكيد على أن هذا الزخم المتجدد يجسد فكرة أن البلد قادر على الدفاع عن حدوده، وفي الوقت نفسه توسيع آفاقه، وأن الوطنية حين تقترن بالرؤية والدبلوماسية، تتحول إلى قوة استقرار وتحول شامل.

