شهدت قاعة الجلسات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الخميس، مرافعة قوية لنائب الوكيل العام للملك، الذي كشف عن معطيات وصفها بـ“الخطيرة والمثبتة” بخصوص تورط شخصيات سياسية ورياضية وازنة في شبكة تهريب دولية للمخدرات، يقودها الملقب بـ“إسكوبار الصحراء”.
وأكد ممثل النيابة العامة أن عبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، يعد من العناصر الرئيسية المتعاملة مع زعيم الشبكة، في حين تجاوز سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، دوره كوسيط لوجستي إلى المشاركة المباشرة في عمليات تهريب كميات من المخدرات لفائدته الخاصة.
وأوضحت النيابة أن من أبرز الوقائع التي تدين المتهمين، عملية إحباط تهريب 40 طنا من مخدر الشيرا سنة 2015 بمدينة الجديدة، حيث كشفت التحقيقات أن سعيد الناصري كان مسؤولا عن تهريب طن ونصف من هذه الكمية، بتمويل من شركاء له داخل الشبكة، دون علم بعيوي الذي كانت له بدوره معاملات مع زعيم العصابة.
وشدد نائب الوكيل العام على أن العلاقة التي جمعت الطرفين بـ“إسكوبار الصحراء” لم تكن سطحية أو عرضية، بل كانت شراكة مالية متينة قائمة على تبادل المصالح.
وأشار إلى أن الناصري قام خلال فترة اعتقال زعيم الشبكة بإرسال مبالغ مالية متكررة له عبر وسطاء، بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من مئة ألف درهم، وهو ما أكده بعض الوسطاء أمام الضابطة القضائية.
أما بخصوص عبد النبي بعيوي، فقد كشفت المرافعة عن اقتنائه فيلا فاخرة في حي كاليفورنيا بالدار البيضاء باسم زوجته، بمبلغ مليار وخمسين مليون سنتيم، وهو المبلغ ذاته الذي أثبتت التحريات أنه تسلمه من “إسكوبار الصحراء”، ما يرجح أن مصدر تلك الأموال غير مشروع ومرتبط مباشرة بعائدات التهريب.
وكشفت النيابة أن شاحنات نقل المخدرات المستعملة في العملية تم تمريرها بطرق ملتوية بفضل تدخل مباشر من سعيد الناصري، الذي استغل نفوذه لتسهيل تسجيلها وتأمينها بشكل قانوني ظاهريا، مما سمح لها بالتحرك بحرية على الطرق الوطنية دون إثارة الشبهات.
وتبين لاحقا أن إحدى هذه الشاحنات كانت داخل مستودع تابع لشركة بعيوي، الذي اعترف بشرائها من “إسكوبار” دون تقديم أي وثائق تثبت المعاملة، في مؤشر واضح على تورطه في أنشطة محظورة.
كما أبرزت الخبرة التقنية أن لوحات ترقيم هذه الشاحنات تعرضت للتزوير والطمس بتعليمات من بعيوي، وأن عددها الحقيقي بلغ سبع شاحنات وليس خمساً كما حاول التقليل من حجم القضية. وتم تأكيد ذلك خلال المواجهة التي جرت بينه وبين متهم آخر يدعى “زنطار”.
وفي ما يتعلق بسعيد الناصري، أشارت النيابة إلى أنه تسلم ست سيارات فارهة من زعيم الشبكة، تم إخفاؤها داخل مرأب تابع لنادي الوداد البيضاوي بأوامر مباشرة منه. وشهد عدد من العاملين في النادي بأنهم تلقوا تعليمات من الناصري لنقل السيارات وإخفائها في أماكن مختلفة، فيما اعترف صهره أمام الضابطة القضائية بمشاركته في إخفاء إحدى تلك السيارات.
كما عرضت النيابة العامة معطيات تقنية دقيقة تثبت وجود اتصالات هاتفية متواصلة بين الناصري و”إسكوبار الصحراء” بلغت حوالي 69 ساعة، مما يدل على تنسيق مستمر بين الطرفين.
وفي سياق آخر، تطرقت المرافعة إلى حفل زفاف “إسكوبار الصحراء” على الفنانة لطيفة رأفت، الذي نفى الناصري حضوره، إلا أن تحليل بيانات موقع هاتفه أظهر تواجده في محيط الفيلا التي أقيم فيها الحفل.
وأكدت الفنانة لطيفة رأفت وخادمتها فاطمة أن الناصري حضر بالفعل وجلس رفقة زعيم الشبكة لبعض الوقت داخل صالون الفيلا.
وفي ختام مرافعته، شدد نائب الوكيل العام على أن هذه الوقائع المتعددة — بما تتضمنه من أدلة مالية وتقنية وشهادات وشبكة علاقات متشابكة — تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن كلا من عبد النبي بعيوي وسعيد الناصري كانا جزءا من منظومة تهريب دولية للمخدرات، استفادت من النفوذ والعلاقات لتغطية أنشطتها الإجرامية وتحقيق مكاسب غير مشروعة، مضيفا أن ما تم كشفه حتى الآن “لا يمثل سوى جزء من شبكة أوسع وأخطر”.

