أوصى تقرير حديث صادر عن مركز الأبحاث الأمريكي “المجلس الأطلسي”، الحكومة المغربية بتعزيز التنافسية الاقتصادية، من أجل الحد من التفاوتات في القطاعين الإقتصادي والاجتماعي في المملكة، مسلطا الضوء على مجموعة من القضايا المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها المملكة، ومشيرا إلى إنجازات حققتها، وكذا تحديات ما تزال تواجهها.
وأوضح التقرير المنشور بحر هذا الأسبوع، أن المغرب شهد خلال العقود الثلاثة الماضية تقدما ملحوظا في مختلف المجالات المؤسساتية، وهو ما يظهر من خلال تقدمه في مؤشر الحرية العالمي، مضيفا أن المملكة تمكنت من تجاوز تداعيات “الربيع العربي” الذي هز بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما جعلها تتفوق على متوسط الأداء الإقليمي منذ عام 2013 بفارق يتجاوز 11 نقطة.
وأبرز المصدر ذاته أن إصلاح مدونة الأسرة في سنة 2004، شكل أحد التحولات الكبرى التي ساهمت في تحسين ظروف عيش النساء، معتبرا مدونة الأسرة المغربية من أكثر المدونات تقدما في المنطقة، حيث كان لها دور كبير في تعزيز حقوق المرأة في مجالات الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والإرث، بالإضافة إلى تمكينها اقتصاديا من خلال المساواة في الأجور وحماية الأمومة.
ونوه المجلس الأطلسي بانفتاح المملكة المغربية على التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي، مشيرا إلى أن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي دخلت حيز التنفيذ في سنة 2000، ساهمت في تعزيز الصادرات المغربية، مبرزا أن التركيز الكبير على الأسواق الأوروبية أعاق إمكانية تحقيق التكامل الاقتصادي مع دول الجوار في الشرق الأوسط وإفريقيا، وتوقع أن تساهم اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية، التي صادق عليها المغرب في سنة 2022، في تدفق الاستثمارات والتجارة مع بقية دول القارة في المستقبل القريب.
وفيما يتعلق بالمنافسة، فقد أكد التقرير أن المغرب يواجه خطر الوقوع في “فخ الدخل المتوسط” بسبب ضعف النمو واستمرار الفقر، وأردف أنه رغم التقدم الكبير الذي حققته المملكة في تحسين الإطار القانوني لسياسات المنافسة، إلا أن السوق المغربية ما تزال تعاني من هيمنة كبيرة لبعض القطاعات، خاصة غير القابلة للتصدير، مشددا على أن تحقيق العدالة في المنافسة يعد أساسيا لتحفيز الإنتاجية وخلق فرص الشغل.
وذكر أن قطاع الاتصالات في المغرب يعاني من ممارسات احتكارية، جعلت تكلفة وجودة الخدمات الرقمية غير تنافسية، وأضاف أن هذه العقبات تحد من اعتماد التكنولوجيا الحديثة، ما تسبب في إبطاء النمو الاقتصادي وزيادة الفجوة بين المناطق الحضرية والقروية، موضحا أن المملكة تشهد تفاوتات محلية، حيث تستفيد المناطق الحضرية بشكل أكبر من الاستثمارات والسياسات العامة، وفي المقابل، تعاني المناطق القروية من فقر شديد وضعف في الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة.
وفيما يتعلق بقطاع التعليم، فقد أشار المجلس الأطلسي إلى أن الوصول إلى التعليم الأساسي أصبح متاحا للجميع، لكن جودته تختلف بشكل كبير بين المدن والقرى، إضافة إلى القطاع الصحي الذي يعاني من مشاكل مماثلة، تتجلى أساسا في الفوارق الكبيرة بين المناطق الحضرية والقروية.
وخلص بالقول إنه رغم التقدم الملحوظ الذي حققه المغرب في التحول الاقتصادي، إلا أنه في حاجة إلى جهود إضافية لتوزيع ثمار التنمية بشكل أكثر توازنا، مشيرا إلى أن النموذج التنموي الجديد الذي بدأ تنفيذه في سنة 2021 يهدف إلى تحسين رأس المال البشري وتعزيز الإنتاجية وزيادة الإدماج الاجتماعي.