أثارت بعض المسلسلات التي عرضت في هذا الموسم الرمضاني الذي شارف على الانتهاء جدلا كبيرا، كما خلفت نقاشات حادة بين المشاهدين، حول جودة الأعمال المقدمة، ومدى انسجامها مع القيم والتقاليد المغربية، فمن مسلسل رحمة الذي أثار موجة انتقادات بسبب مشاهده الحميمية، إلى الدم المشروك الذي وُصف بأنه نسخة مستوردة من الدراما الصعيدية المصرية، وصولا إلى جرح قديم الذي واجه انتقادات من رجال القانون.
مسلسل رحمة:
على الرغم من أن مسلسل “رحمة” حظي بإشادة واسعة في بدايات عرضه، بسبب حبكته الدرامية المتقنة واختيار الممثلين الموفق إلى جانب أدائهم المقنع، مسجلا نسب مشاهدات عالية، إلا أنه وجد نفسه بين دوامة من الانتقات بسبب بعض المشاهد التي اعتبرت “جريئة”.
واستنكر عدد من المشاهدين في منصات التواصل الاجتماعي بعض المشاهد التي جمعت بين الفنانة المغربية كريمة غيث والكوميدي هيثم مفتاح، واصفين إياها بـ”الجريئة” وغير “المبررة دراميا”، التي لا تناسب المجتمع المغربي، ولا سيما وأن العمل يعرض خلال شهر رمضان الذي يتميز بطابع روحي.
وخلف هذا العمل انقساما كبيرا بين المشاهد المغربي، بسبب كيفية تصويره للخيانة الزوجية والمواقف الحميمية التي تجمع الطرفين، بين من يعتقد أن “رحمة” مسلسل درامي اجتماعي يعكس الواقع المعاش كما هو، وبين من يرى أن بعض مشاهده تجاوزت الحدود المقبول بها في الدراما المغربية.
مسلسل جرح قديم:
وبدوره، واجه مسلسل “جرح قديم”، موجة انتقادات لاذعة من قبل المشاهدين المغاربة، رغم تسليطه الضوء على قضايا تنخر جسد المجتمع المغربي، حيث اعتبره البعض مسيئا لصورة الرجل المغربي من خلال العنف الممارس ضد شخصية “رشيد” من قبل زوجته، فيما انتقد آخرون بعض الأخطاء التي وقع فيها الممثلون خلال أداء شخصياتهم، بينما استنكر رجال القانون بعض المشاهد التي تعرض الإجراءات القضائية بطريقة اعتبروها غير دقيقة.
وفي البداية، عبر مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي عن استنكارهم ما وصفوه بـ”محاولة تقويض صورة الرجل داخل الأسرة والمجتمع المغربي”، بعد ظهور الممثلة سحر الصديقي في مشهد وهي تعنف وتصفع زوجها “رشيد”، الذي يجسده الممثل يسري المراكشي، كما انتقدوا بعض الأخطاء التي وقع فيها بعض الممثلين، من قبيل الحوار الذي دار بين سعاد خيي وعزيز داداس، حين قالت: «وصافي أ داداس»، لتخرج الشركة المنتجة بتوضيح أكدت فيه أنها قالت «صافي حبس».
وعبر عبد الرحمان الباقوري، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، في تدوينة نشرها في حسابه الرسمي على منصة فايسبوك، عن رفضه تصوير المسلسل لمحاكمة تضمنت أخطاء مهنية وقانونية، إلى جانب مشهد يظهر فيه وكيل الملك وهو يستخدم تعابير غير مهنية لا تستخدم في قاعات المحاكم.
وقال الباقوري في تدوينته: “استوقفني في أحد البرامج تقديم متهمين بالخيانة الزوجية أمام وكيل الملك، الذي استنطق الزوجة المتهمة بالخيانة، وفي نهاية الاستنطاق نادى على الشرطي وقال له: هَبَّطهَا.وبعد ذلك، استنطق الرجل المشارك في الخيانة، ثم نادى الوكيل على الشرطي وقال له: إِهْبَطْ. وكيل الملك أو نائبه لا يقول هَبّطْ المتهم، وليس من الاخلاق ولا من القانون أن يقول ذلك، لأن هذا المصطلح “هبطها” يعني الايداع بالسجن، لكنه مصطلح زنقاوي ولم يسبق لي ولا لزملائي أن حضرنا لأي وكيل ولا أي نائب تفوه أو صرح به”.
وأشار إلى أن تصميم أزياء القضاة لم يكن دقيقا، ما يعكس ضعف التشاور مع المختصين أثناء كتابة السيناريو، إذ قال: “حتى تلك البذلة ويَاقَتها، لا أعرف أين وجدوها، الياقة لها أصول وليس مجرد “فولار” موضوع على العنق. للأسف، هؤلاء المنتجين والمخرجين لا يفقهون شيئا في اصول التقاضي بما في ذلك مساطر التقديم ولا الترافع، بل يعطون صورة سيئة عن القضاء وفي حلقات أخرى عن المحاماة، وكان حريا بهم على الأقل استفسار أي قاضي صديق لهم أو أي محام من عائلتهم ليشرح لهم كيفية تعامل النيابة العامة مع الماثلين أمامها وكيفية تقديمهم والمصطلحات المستعملة أثناء ذلك”.
مسلسل الدم المشروك:
ولم يسلم مسلسل “الدم المشروك” هو الآخر من الانتقادات، حيث اعتبر عدد من المشاهدين أنه “يفتقد للهوية المغربية”، بسبب طابعه الذي يشبه الأعمال الدرامية المصرية، وخاصة تلك التي تدور في أجواء الصعيد، سواء في الملابس السوداء أو القصة أو الديكور.
وتأتي هذه الانتقادات في وقت حقق فيه المسلسل نسب مشاهدات عالية، إلى جانب نيله إشادة واسعة بفضل أداء مجموعة من الممثلين الذي وُصف بـ”الاحترافي”، كما انه كان فرصة لدخول ممثلين آخرين مجال الدراما بعدما كانوا يقتصرون فقط على الكوميديا.