شهدت مدينة بيزييه الفرنسية، يوم الأحد الماضي، تنظيم مسيرة بيضاء تكريما للمغربي محمد إدريسي، البالغ من العمر 61 عاما، والذي توفي إثر تعرضه لطعنة قاتلة من طرف جارته يوم 30 نونبر المنصرم. حيث انطلقت المسيرة، التي نظمتها جمعية الصداقة المغربية الفرنسية، من أمام مقر المقاطعة الفرعية، وصولا إلى منزل الضحية، حيث وقعت المأساة.
شارك في هذا الحدث نحو 100 شخص، من بينهم مواطنون فرنسيون وأفراد من الجالية المغربية، بالإضافة إلى مسؤولين محليين وشخصيات من المجتمع المدني، من بينها النائبة البرلمانية إيمانويل مينار، والنائبة الأولى لعمدة مدينة بيزييه إليزابيث بيسارو، الذين حرصوا على المشاركة تعبيرا عن دعمهم وتعاطفهم مع عائلة الضحية والجالية المغربية.
ووفقا للإعلام الفرنسي، كشف دريس بوحاجة، رئيس جمعية الصداقة المغربية الفرنسية في بيزييه، أن محمد إدريسي أخبر شقيقه المقيم معه في المدينة قبل أيام من وقوع الجريمة: “إذا حدث لي شيء خطير، فهي جارتي. لا تبحث عن السبب.” هذه الكلمات المؤثرة سلطت الضوء على حالة القلق التي عاشها الراحل في أيامه الأخيرة، خاصة بعد تلقيه تهديدات مباشرة من جارته، التي كانت قد هددته سابقا باستخدام السلاح الأبيض.
وفقا لشهادات أفراد أسرته، كان محمد إدريسي يشعر بقرب حدوث أمر سيئ، مما دفعه إلى السفر مؤخرا إلى مسقط رأسه في تاوريرت شمال شرقي المملكة. هناك، ودع عائلته و”كأنه يعلم أنها المرة الأخيرة”.
كما أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن الضحية عاش في فرنسا لمدة 25 عاما، حيث كان يأمل في الاستقرار بعد سنوات طويلة من العمل.
وصفه جيرانه بالشخص الهادئ والمتواضع، الذي كان يحب العيش بسلام بعيدا عن المشاكل. وأكد رئيس الجمعية ذاتها أن محمد كان “غير قادر على إيذاء حتى ذبابة”، وكان يحظى باحترام الجميع. وأضاف: “كان محمد قريبا من التقاعد، وأخبر عائلته بنيته العودة إلى المغرب قريبا للاستقرار هناك”. لكن وضعه المعيشي في شقته كان يشكل مصدر إزعاج دائم له، مما دفعه لإبلاغ عائلته برغبته في الانتقال بسبب المضايقات المتكررة من جارته.
وفقا لمصادر مقربة من التحقيق، وقعت الجريمة يوم السبت 30 نونبر، عندما اقتحمت الجارة شقة محمد ووجهت له طعنة قاتلة بسكين في فمه، ما أسفر عن وفاته على الفور. وقد زادت مأساوية الحادث بتواجد ابنة المتهمة البالغة من العمر 6 سنوات في مسرح الجريمة لحظة وقوعها. هذا التفصيل أثار تعاطفا كبيرا بين الحاضرين، الذين عبروا عن صدمتهم من تأثير هذه الواقعة على الطفلة التي ستظل شاهدة على ما حدث.
في سياق متصل، أفادت تقارير إعلامية أن المسيرة البيضاء اختتمت أمام منزل محمد، حيث وضع المشاركون الزهور على عتبة المبنى في مشهد مؤثر، تلاه تلاوة دعاء ترحما على روحه. ورفع الحضور رسائل قوية ضد العنف، مشددين على أهمية نشر قيم التسامح والتعايش في المجتمع.
وأكدت جمعية الصداقة المغربية الفرنسية أن هذا الحدث لم يكن مجرد تكريم لمحمد، بل كان أيضا رسالة تضامن ودعوة للعيش بسلام واحترام بين أفراد المجتمعين الفرنسي والمغربي على حد سواء.