أثارت تصريحات وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، جدلا كبيرا في الرأي العام المغربي، بين دعم المصحات الخاصة وملف وفيات مستشفى أكادير، فبينما أكد إيقاف دعم المصحات الخاصة، نفت الأخيرة حصولها على أي تمويل، في الوقت الذي يواصل فيه بعض المسؤولين عملهم بمستشفى أكادير رغم إعلان الوزارة توقيفهم مؤقتا.
وكان وزير الصحة قد أعلن خلال اجتماع للجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب قبل أيام، أن الوزارة قررت إيقاف الدعم عن المصحات الخاصة، مؤكدا أن هذا القرار لم تتخذه بشكل اعتباطي، بل يهدف إلى أن لا تحل هذه المصحات محل المستشفيات العمومية في أداء مهامها.
وتفاعلت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة (ANCP)، يوم الأحد الماضي، مع تصريحاته، حيث أصدرت بلاغا نفت فيه بشكل قاطع توصل أي من المصحات المنضوية تحت لوائها بأي دعم مالي من الدولة.
وأكدت الجمعية، التي تضم أغلب المصحات الخاصة على المستوى الوطني، أن موقفها يمثل رأي الغالبية العظمى من الفاعلين في هذا القطاع، مطالبة وزير الصحة بالكشف عن النصوص القانونية أو المراسيم التنظيمية التي تستند إليها تصريحاته، وكذا نشر لائحة المصحات التي استفادت فعليا من أي دعم عمومي، مع توضيح المبالغ التي تم صرفها.
وبدورها، انضمت مجموعة “أكديطال”، المدرجة في بورصة الدار البيضاء، إلى هذه المصحات، مؤكدة في بلاغ رسمي أنها لم تحصل على أي دعم حكومي أو عمومي، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر، كما أوضحت أنها تخضع لالتزامات صارمة بالشفافية المالية المفروضة من طرف الهيئة المغربية لسوق الرساميل.
وأشارت إلى أن جميع تقاريرها المالية متاحة للعموم عبر المواقع الرسمية للهيئة، وبورصة الدار البيضاء، والمجموعة نفسها، مؤكدة أن تمويل مشاريعها يتم حصرا عبر مواردها الذاتية، أو القروض البنكية، أو الاكتتاب في الأسواق المالية.
وفي توضيح جديد، حاول الوزير التهراوي تصحيح ما اعتبره “سوء فهم” لتصريحاته السابقة، مؤكدا خلال لقاء خاص تم بصه على القناة الثانية مساء أمس الاثنين، رفقة كل من جامع كولحسن ومحمد الغروس، أن الأمر لا يتعلق بقطع العلاقة مع القطاع الخاص، بل بإيقاف الدعم الاستثماري لحوالي سبع مصحات كانت طلباتها قيد الدراسة من طرف لجنة الاستثمارات
وأردف قائلا: “لم أوقف القطاع الخاص، وإنما أوقفت دراسة عدد من طلبات الدعم الاستثماري، البالغة حوالي ستة أو سبعة ملفات، منها من حصل بالفعل على الموافقة، وذلك بهدف مراجعة العلاقة مع هذا القطاع وكيفية تحفيز استثماراته”.
وأضاف أن لجنة الاستثمارات متعددة القطاعات كانت بصدد دراسة هذه الملفات، وأن تدخله جاء بعد ملاحظته أن بعض المصحات الخاصة، باعتبارها تشتغل في قطاع مربح، لا تحتاج إلى نفس مستوى التحفيز المالي الذي قد يتطلبه الاستثمار في المرافق العمومية.
ولقي مرور الوزير التهراوي إشادة من مجموعة من المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من اعتبر أنه كان مقنعا إلى حد كبير في أجوبته ومتمكنا من المعطيات والأرقام وتفاصيل المنظومة الصحية، ومنهم من أشاد بتواصله في وقت تهرب فيه عدد من الوزراء من ذلك، غير أن البعض قال إن طريقة تواصله عملية وتفتقر للغة السياسية.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إحالة ملف الوفيات التي سُجلت مؤخرا بمستشفى عمومي في مدينة أكادير على أنظار النيابة العامة، بعد انتهاء التحقيقات التي أجرتها المفتشية العامة للوزارة.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ رسمي، توصل به موقع “سفيركم” الإلكتروني، أنها قررت توقيف عدد من المسؤولين مؤقتا في انتظار نتائج المساطر القضائية والإدارية الجارية، وذلك في إطار ما وصفته بإجراءات احترازية تروم ضمان الشفافية وحماية حقوق جميع الأطراف.
من جانبها، أفادت مصادر خاصة من داخل المستشفى ذاته لموقع “سفيركم” أن جميع المسؤولين ما زالوا في مناصبهم وأن العاملين مازالوا ينتظرون الكشف عن هوية الموقوفين وطبيعة مهامهم، مؤكدة أنه لم يتم إبلاغ أي موظف بتوقيفه رسميا إلى حدود الساعة.