قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في ندوة صحفية صباح اليوم بالرباط، إن المملكة تعرف، في الوقت الراهن، تراجعا كبيرا في أعداد رؤوس القطيع الوطني بنسبة بلغت 38% في أقل من سنة، حسب تقارير رسمية، وفي ظل عزوف المغاربة عن الذبح، يطفو على السطح ملف دعم مربي الأغنام والماعز، وما رافقه من سوء تدبير، وغياب للشفافية، وشبهات فساد تطال آليات صرف الدعم وطرق تدبيره، خاصة بعد تفويضه عمليا إلى الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز.
وحسب الغلوسي، فإن الوزارة أوكلت مهمة إعادة تكوين القطيع وترقيمه، وتدبير الدعم المالي المخصص له، إلى الجمعية المذكورة، رغم الشكوك التي يطرحها عدد من المتتبعين بشأن مدى كفاءتها واستقلاليتها ومهنيتها. كما يُثار التساؤل: ما الأساس الذي تم بموجبه منح هذه الجمعية هذه الصلاحيات الحساسة؟ وأين هي الأجهزة الرقابية؟
وأضاف الناشط في مجال حماية المال العام، في الندوة ذاتها، أن المعطيات المتوفرة تُفيد بأن الجمعية أشرفت على صفقات بمبالغ ضخمة تتعلق بترقيم القطيع والتلقيح، من بينها صفقة بمليارات السنتيمات، دون الكشف عن تفاصيلها، سواء على مستوى الجهات المستفيدة أو الشركات المتعاقدة أو شروط الترقيم، مشيرًا إلى أن ما يثير الريبة هو أن مبلغ هذه الصفقات يفوق ما تم تخصيصه سابقًا لدعم استيراد القطيع، دون أن يكون لذلك أثر واضح على أرض الواقع.
وكشف الغلوسي أن الجمعية أعلنت أنها قامت بترقيم مليوني رأس في منطقة بني كيل بالجهة الشرقية، بينما يؤكد المربون أن القطيع في هذه المنطقة لا يتعدى خمسين ألف رأس، ما يكشف عن تناقض صارخ بين الأرقام المعلنة من طرف الجمعية وتلك التي يوردها الكسابة، ويفتح الباب أمام احتمالات تضخيم الأرقام والتلاعب بها لأغراض تمويلية.
ولفت المتحدث إلى أن الأخطر في هذا الملف هو غياب لوائح دقيقة وشفافة للمستفيدين من الدعم، وهو ما أكده عدد من الكسابة وممثلي المهنيين، الذين تحدثوا عن خروقات وتلاعبات في إعداد اللوائح، مع إمكانية “تفريخ” أرقام وهمية للقطيع بهدف الاستفادة من الدعم بطرق غير قانونية.
وأشار الغلوسي إلى أنه تم تخصيص دعم لإعادة تشكيل القطيع في المناطق المتضررة من الزلزال، وقد رُصد له مبلغ 120 مليون درهم، لكن دون الكشف عن الكيفية التي صُرفت بها هذه الأموال، ولا من استفاد منها، ولا المعايير المعتمدة في التوزيع، مما جعل الملف عرضة للتلاعب من جديد، في ظل غياب شبه تام للرقابة المؤسساتية.
وختم رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بالقول إن وزير الفلاحة السابق صرّح في اجتماع رسمي بأن القطيع الوطني يُقدّر بـ25 مليون رأس، لكن في ظرف ثمانية أشهر فقط، سجّل القطاع تراجعًا بنسبة 38%، وهي نسبة خطيرة تنذر بأزمة حقيقية في الأمن الغذائي الفلاحي، وتطرح تساؤلات جدية حول فعالية السياسات الحالية ومصير الأموال المصروفة.