أثارت قضية وجود قوات عسكرية أجنبية في موريتانيا جدلا كبيرا، بعد نفي الحكومة من جديد وجود أي قوات أجنبية على أراضيها، في مقابل تشكيك جنرال متقاعد ومدير سابق لجهاز الاستخبارات الخارجية، طالب بالكشف عن ملابسات هذا الوضع الذي وصفه بـ”الغامض”.
ونفى وزير الثقافة والناطق الرسمي باسم الحكومة، الحسين ولد مدو، في مقابلة على قناة “فرانس 24” مساء أمس، وجود أي شكل من أشكال التواجد العسكري الأجنبي على الأراضي الموريتانية، مؤكدا أن “الجيش الوطني هو من يتولى بشكل كامل مسؤولية ضبط الحدود”.
كما جدد ولد مدو نفيه للأنباء التي تحدثت عن مشروع قاعدة عسكرية إماراتية في شمال البلاد، معتبرا أن ما يتم الترويج له بوجود قواعد أجنبية بأنه “لا أساس له من الصحة”، واصفا إياه بأنه “مغلوط” و”مضلل”.
وأضاف الوزير أن موريتانيا، رغم الظروف الأمنية الإقليمية الصعبة، تعتمد بشكل كامل على قواتها المسلحة الوطنية في حماية أمنها، مشيرا إلى أن “سياسة الدولة قائمة على رفض إقامة أي قواعد أو تواجد عسكري أجنبي فوق أراضيها”.
وفي المقابل، علق الجنرال المتقاعد والمدير السابق للاستخبارات الخارجية، لبات ولد معيوف، على تصريحات ولد مدو من خلال تدوينة نشرها على صفحته الرسمية في موقع “فيسبوك”، أبدى فيها تشكيكه في النفي الحكومي المتكرر، وطرح جملة من التساؤلات بشأن خلفيات هذا الموقف.
وتساءل ولد معيوف عما إذا كانت السلطة قد “تخلت عن جزء من الأراضي الوطنية ولا ترغب في الإعلان عن ذلك”، أو ما إذا كانت “مضطرة لقبول أمر واقع لا تستطيع الإفصاح عنه لتفادي تدهور علاقاتها مع إحدى الدول المجاورة”.
كما استفسر أيضا عن ما إن كانت السلطات قد “ورثت هذا الوضع عن أنظمة سابقة وهي على علم به، لكنها لا تريد تحمل المسؤولية”، أو أنها “تفضل تجاهله بسبب ضعفها، وتدعي ببساطة أنه غير موجود”.
وأشار ولد معيوف إلى أن نفي وجود القوات الأجنبية، من دون تقديم معلومات دقيقة أو إثباتات، لا يُزيل الشكوك بل يفاقمها، معتبرا أن هذا الملف يتطلب الشفافية.
ودعا في ختام تدوينته إلى تشكيل لجنة تحقيق تتوجه إلى المناطق التي يُثار فيها الحديث عن وجود أجنبي، من أجل الوقوف على حقيقة الوضع، قائلا إن “وجود قوات أجنبية على أراضينا، سواء كان قديما أم حديثا، هو أمر غير مقبول مطلقا، والسيادة الوطنية خط أحمر لا يقبل التفاوض”.
وكان الوزير الحسين ولد مدو قد نفى في مناسبات سابقة، من بينها مؤتمر صحفي رسمي، وجود أي قوات أجنبية في موريتانيا، وكرر خلال مقابلته مع “فرانس 24” أن بلاده تعتمد على جيشها الوطني في تأمين حدودها الوطنية، رغم التوترات الأمنية المحيطة بها، مضيفا أن “الاعتبارات التي يطلقها البعض من هنا وهناك لا صدقية لها”.