“لكي يكون هناك نجاح لا بد من دموع وعرق”، هكذا تصف نجاة المختار، مسارها الشخصي والعلمي الطويل والحافل، الذي بدأته من طاولة بمدرسة عمومية “العكاري”، وأوصلها إلى كرسي نائبة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتكون أول عربية وإفريقية تصل إلى هذا المنصب، حاملة على كاهلها، مهمة تغيير الصورة النمطية حول مجال الطاقة النووية، الذي ارتبط دائما بالدمار والحروب.
ولدت نجاة المختار سنة 1957، بحي العكاري بمدينة الرباط، وبها تلقت تعليمها الأساسي، في وقت لم يكن فيه تعليم الفتيات، أمرا ذا أولوية، غير أن والدتها الأرملة، التي ترك لها زوجاها الإثنان خمسة أطفال، حرصت على تعليمهم جميعا، معتمدة على المدخول الذي كانت تجنيه من صنعها للزرابي الرباطية.
نجاة الحاصلة على شهادة دكتوراه، في التغذية وعلم الغدد الصماء، من جامعة “لافال” في كندا، ودكتوراه في علوم الأغذية، من جامعة “ديجون” في فرنسا، تقول إنها مدينة لجدتها التاوناتية الحديدية، التي علمتها الانضباط والالتزام، إلى جانب أمها التي علمتها صناعة الزرابي، حيث كانت دائما توصيها قائلة: “تعلمي صنعة تنفعك من بعد”.
عملت نجاة المختار أستاذة جامعية ومديرة للبحوث، في جامعة “ابن طفيل” بالقنيطرة، لأكثر من 20 عاما، وبالموازاة مع ذلك، عملت مسؤولة تقنية، في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الفترة ما بين عامي 2001 و2007. ومنذ عام 2010، شغلت لمدة عامين، منصب مديرة العلوم والتقنيات، في أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، حيث تولت مهمة تنسيق الإستراتيجية الوطنية للتعليم والبحوث.
وإلى غاية عام 2014، كانت المختار، تشغل منصب رئيسة قسم الدراسات البيئية المتعلقة بالتغذية والصحية، في شعبة الصحة البشرية بذات الأكاديمية. ولاحقا، عُينت في منصب مديرة شعبة آسيا والمحيط الهادئ، في إدارة التعاون التقني، قبل أن تلتحق بمنصبها الجديد في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الوكالة التي تشيد نجاة المختار، بتشجيعها للاستعمال السلمي للطاقة والتكنولوجيا والتطبيقات النووية، لتحقيق الأهداف التنموية، قصد جعل الذرة في خدمة السلام والتنمية.
تقول نجاة، إن كل امرأة تحتاج لزوج داعم ومساند مثل زوجها، الذي ساندها وكان إلى جانبها، في كل محطات نجاحها العلمي والأكاديمي، منذ زواجهما قبل أزيد من عشرين سنة.
وكان انتقال نجاة إلى فيينا، لتشغل منصبها الجديد، تحديا أمامها وأمام زوجها وابنيها التوأم، لكنها قالت في تصريح إعلامي، إن هذا المنصب، “يعد فرصة حقيقية للتطور في مجال العلوم والتكنولوجيا”.
وتتابع نجاة قائلة: “إن الأهم من ذلك كله، هو أن تجد النساء طريقة لتحقيق التوازن، بين المسار المهني والأسرة، دون أن يضطرن لاختيار واحد منهما”.
مع الأسف،
وتقول نجاة: “مع الأسف، الحياة الأسرية تعتمد دائما على المرأة، وحياتها المهنية ليست سوى إضافة اختيارية. وهذا هو التحدي الرئيسي، ولن يتغير إلا إذا تغير المحيط الاجتماعي للنساء، وليس فقط محيطهن الأسري”.
وترى المختار أيضا، أننا “بحاجة إلى تغيير في العقليات”، حتى تتاح للمرأة، نفس الشروط التي تتاح للرجل، بالنسبة للولوج إلى مواقع المسؤولية.
وللعمل على ذلك، تضيف نجاة: “من المهم جدا أن نتيح لهن فرص الولوج إلى المعلومة، وأن نشجعهن على التقديم إلى مثل هذا النوع من المناصب، فإذا كان مستوى المرأة جيدا، فيمكن أن تقبل لتقلد أي منصب دون أي صعوبة ودون اعتبار لجنسها”.
وتتابع: “أنا أيضا لدي أسرة، ومسؤوليات تتعلق بأبواي، إنما لم أهمل يوما دوري كعالمة. بالعكس أنا شغوفة، ودائما ما أجد طريقة للعودة إلى أبنائي وأسرتي”.
وبالنسبة لنائبة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن “للنساء مسؤولية كبيرة ليس فقط باعتبارهن أمهات، بل كجزء من أجزاء المجتمع، بنبغي أن يسهمن في تنميته، ولهذا على المرأة اليوم، أن تتخلى عن دور الضحية، وأن تعي مسؤولياتها وتتحمل واجباتها”.
تعليقات( 0 )