بغض النظر عن أوجه التشابة أو الإختلاف وعناصر الإستمرارية فيما بين قيادتي الولايتين ؛ فإن هناك شعورا عاما يلوح في الحاضر ويؤشر لأفق بديل بأن هناك قطائع صغرى تتبلور على مستوى المقاربة والمصداقية والجدية ؛ وفي ضوء ذلك ، يمكن القول بأنه إذا كانت أهم رسالة صادرة عن قيادة الجمعية ، خلال المهرجان الخطابي المنظم في ضيافة هيئة المحامين بالرباط ، وبطقوس شبه رسمية ، وبحضور ممثلي بعض الهيئات الحزبية والمدنية والنقابية والحقوقية ؛ رسالة تروم إبراز أن الصفوف متراصة ، صفوف متناغمة في أفق الإنسجام على مستوى المقاربات ، باعتبار أن الجسم المهني يشكل فسيفساء تعكس الإختلاف والإمتداد الحاصل داخل المجتمع ؛ فإنه في نظرنا هناك إيحاء وتلميحات بأن هنالك رسالة تتبلور في كمون ، وهي أن موعد تحريك الصفوف لم يتحدد بعد ؛ لقد جاءت أغلب مكونات الجسد المهني جاهزة ومعبأة لسماع القرار المنشود والمنتظر منذ أزمة كوفيد ؛ أي أن القواعد الحاضرة جاهزة لتنفيذ أي قرار تصدره القيادة المهنية ( بهوية نضالية ) ، وبذلك يستشف بأن الظرف الموضوعي في نظر الحكماء لم ينضج بعد .
غير أنه ، في نظر أغلب المحللين الواعين بدقة المرحلة ، تقتضي الأولوية بأن تتم مأسسة هذه “” الحالة النضالية “” وتحويلها من مجرد حراك رد الفعل إلى معركة مفتوحة ومنضبطة الحماس ، تستحضر الوضع الإجتماعي العام المأزوم ، وربطه بآثار المبادرة التشريعية للحكومة ذات الصلة بالعدالة ومنظومتها ، ووقعها السياسي والإنساني على شريحة عريضة من المحاميات والمحامين تعاني ، خاصة الأعداد الوافدة بكثافة على المهنة وبقرار من الحكومة ( وزارتها الوصية على القطاع ) ، ليطرح السؤال البنيوي من جديد ويفضح المفارقة الفادحة ، فقد تم توريط ( بعضهم البعض ) أجهزة الدولة وعقلها الأمني والموظفين الحكوميين وكذا المكلفين بإنفاذ القانون والسياسة العمومية ( بتواطئ أو عن غير وعي لا فرق ) ، وسيتم توريط القضاء لاحقا ، بحكم أن الخصاص الإجتماعي سيولد إحتقانا وانفلاتا أمنيا ، في زمن لم نكمل فيه شروط إقرار استراتيجية سن ضمانات وتدابير عدم تكرار الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ؛ فعلى سبيل المثال ، لا حصر ،( مثال على المفارقات ) الوزارة الوصية رخصت لها الدولة بأن تغرق المحاماة ( من خلال المباراة ) من أجل العمل على استيعاب البطالة ، وبنفس القدر بأن تسن تشريعات تضيق مجال الإشتغال على الوافدين الجدد ، وكذلك في حق القاعدة العريضة من المحاميات والمحامين ( خاصة الشبان ) والذين يعانون من الخصاص المالي والهشاشة “” الراقية “” وعدم الإستقرار المادي والمعنوي ، في شكل بطالة مقننة وليس فقط مقنعة !
وكإشارة لابد من التنويه بأهميتها ، فقد رفع لمرتين فقط شعار يحاول شخصنة الموضوع ( تحميل المسؤولية لشخصية عمومية وإدانتها ) فتم إحتواؤه ، حتى لا نقول تم قمعه ؛ وذلك لوعي الحضور بأن الوقت قد حان لحل إشكالية هيمنة وتماهي الصلاحيات والمسؤوليات بين مصادر صناعة السياسات العمومية وبين منابع وأصول صناعة القرار الاستراتيجي والسياسة العامة للبلاد ، وما اختيار الفضاء لبعث الرسائل وكذا التأثيت وطقوس الإفتتاح …الخ ، إلا دليل على أن المعني بالخطاب هو جهات عليا ، وبالتالي يطرح سؤال القيمة المضافة وحجم الرهان ، في عهد تضخمت فيه الإنتظارات ونذرت الإستجابة للخصاص التنموي ؟
*محام بهيأة الدارالبيضاء