أثار تقرير حديث من “غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” وحركة “مينا فيم” للعدالة الاقتصادية والتنموية والبيئية، المخاوف بشأن الاستثمارات الأوروبية في قطاعي الطاقة والفلاحة في كل من المغرب ومصر.
ويأتي هذا التقرير في وقت يعاني فيه المغرب من الجفاف للسنة السابعة على التوالي، وهي أزمة أثرت بشكل عميق على البلاد وعدة قطاعات رئيسة.
وفي هذا الأسبوع فقط، دعا الملك محمد السادس المغاربة إلى الامتناع عن أداء شعيرة الأضحية خلال عيد الأضحى، بسبب المصاعب الاقتصادية والاجتماعية الشديدة الناجمة عن الجفاف.
وقد أدت هذه الأزمة الحادة إلى انخفاض كبير في أعداد الماشية وارتفاع أسعار اللحوم.
وحذر التقرير الصادر المنظمة المعنية بالبيئة، من أن هذه الاستثمارات “قد تفاقم الأضرار البيئية والاجتماعية بدلا من تعزيز التنمية الحقيقية”.
التقرير الذي يحمل عنوان “ما بعد الاستخراجية: نحو انتقال اقتصادي عادل في المغرب ومصر”، يجادل بأن هذه الاستثمارات غالبا ما تعزز “ممارسات الاستخراج”، حيث يتم استخراج الموارد وتصديرها إلى الشمال العالمي مع فوائد ضئيلة للاقتصادات المحلية.
وجاء في التقرير، “بدلا من تعزيز التنمية المستدامة، تستنزف هذه الاستثمارات الموارد الطبيعية وتزيد من تدهور البيئة في الدول المضيفة”.
ورغم أن السردية السائدة تشير إلى أن هذه الاستثمارات تحقق مكاسب متبادلة، فإن التقرير يتحدى هذا الطرح، ويؤكد أن النموذج الحالي يخدم بشكل أساس احتياجات الطاقة الأوروبية ومصالح الشركات، في حين تتحمل دول مثل المغرب ومصر التكاليف البيئية والاجتماعية.
ويشير التقرير إلى أن المغرب ومصر يعتمدان منذ فترة طويلة على تصدير الموارد الطبيعية والمنتجات الفلاحية، وغالبا ما كان ذلك على حساب أنظمتهما البيئية الهشة.
على سبيل المثال، يوضح التقرير أن المحاصيل الزراعية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، مثل الطماطم والحمضيات، المزروعة أساسا للتصدير، تفاقم أزمة ندرة المياه.
من جهة أخرى، يحذر التقرير من أن مشاريع النفط والغاز تساهم في تدهور الأراضي وتعطيل التنوع البيولوجي في مصر.
كما انتقدت “غرينبيس” تحديدا توجه أوروبا نحو مشاريع الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا، خاصة مشاريع الهيدروجين الأخضر، معتبرة أن هذه المبادرات تهدف أكثر إلى تأمين احتياجات أوروبا من الطاقة بدلا من دعم التنمية المستدامة والانتقال العادل في الجنوب العالمي.
واعتبر المنظمة البيئية أن ما سبق يثير تساؤلا جوهريا حول ما إذا كانت هذه المشاريع تعود فعلا بالفائدة على السكان المحليين، أم أنها مجرد شكل آخر من أشكال التبعية الاقتصادية.
ويؤكد التقرير أن الاستثمارات الأوروبية في قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والفلاحة في المغرب ومصر تعزز “علاقات استخراجية ضارة” من خلال تصدير الموارد إلى الشمال العالمي مع قيمة مضافة ضئيلة لاقتصادات الجنوب العالمي.
في المقابل، أحرز المغرب تقدما ملحوظا في مجال الطاقة المتجددة من خلال مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية والريحية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات.
فعلى سبيل المثال، يُعد مركب نور للطاقة الشمسية في ورزازات واحداً من أكبر المشاريع في العالم، وهو ركيزة أساسية في هدف المغرب الطموح لتوليد 52% من طاقته من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
كما تهدف محطة طاقة الرياح في طرفاية، إلى جانب مشاريع طاقة الرياح الأخرى على طول الساحل المغربي، إلى استغلال الرياح القوية في البلاد.
ويرى منتقدو التقرير أن طرحه يبسط الوضع المعقد، مؤكدين أن المغرب يعمل وفق إطار سيادي خاص به واستثمر بشكل كبير في اقتصاده، بما في ذلك المشاريع الخضراء لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وقد شدد الملك محمد السادس مرارا على أهمية مشاريع الطاقة المتجددة ومساهمتها في تطوير قطاع الطاقة في المغرب.
وفي خطاب له في يوليوز 2023، تحدث الملك عن برنامج الاستثمار الأخضر لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) ومساهمته في خطة تطوير الطاقة المتجددة في البلاد.
وقال الملك: “أدعو الحكومة إلى تسريع تنفيذ هذا المشروع، مع مراعاة متطلبات الجودة، واستغلال الإمكانات الكبيرة التي تزخر بها بلادنا في هذا المجال، وتلبية تطلعات المستثمرين العالميين البارزين في هذا القطاع الواعد”.