بات جليا للعالم أن الذكاء الاصطناعي والتطورات التي يسببها بشكل سريع جدا، يصعب اللحاق بها إن لم تتم مواكبته وفهم أغوار مكوناته وما يقدمه، والفهم على أن الآلة إن أعطي لها دور أكبر من حجمها يمكن أن تشكل خطرا على البشرية.
ويعد تسارع آليات الذكاء الاصطناعي، عبر اكتساح غالبية المجالات البسيطة منها وحتى المعقدة، تهديدا للانقراض لبعضها بسبب تلك الآليات، ومن بين هذه المهن، الطب، فهل يمكن أن يحل الذكاء محل الطبيب ويقوم بدلا منه بتشخيص المرضى؟
وفي هذا الصدد، قال الدكتور في علوم المعلومات والتواصل، محمد أمين المحفوظي، بأن التسارع التكنولوجي الذي نشهده الآن أصبح يكتسح مجالات عديدة ومجالات حساسة جدا في الحياة البشرية بصفة عامة، ومن بين هذه المجالات الحساسة التي أصبح الذكاء الاصطناعي يكتسحها بطريقة مهولة هو المجال الصحي.
واستطرد المحفوظي، وهو خبير وباحث أكاديمي أيضا في التحول الرقمي، في تصريحه لـ”سفيركم” قائلا :” الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الدقيقة، أصبحت تساعد العناصر الطبية التي تشتغل بعدة مستويات مثل الفحوصات الطبية والمهن البيولوجية للتحاليل الطبية والتجارب الكيميائية للأدوية وغيرها من التخصصات، والتي أصبح فيها للذكاء الاصطناعي دورا فعالا في تطوير هذه المجالات.
وتابع المحفوظي، “إن ما يجب أن نستحضره الآن هو أنه ومهما تطور الذكاء الاصطناعي فلا يمكنه أن يحل محل الطبيب، لأن مهنة الطب هي مهنة إنسانية بامتياز والتي من خلالها لا يمكن أن يفهم الكائن البشري إلا البشر مثله، ولا يمكن لمرحلة التشخيص الطبي على الخصوص أن يقوم بها الذكاء الاصطناعي أو أن تقوم به الآلة بصفة شاملة”.
وأوضح أن الآلة يمكن أن تساعد الطبيب في استحضار معلومات أساسية لأجل التشخيص على سبيل المثال، ويمكن أن تجمع المعلومات وتعالجها وتقدم النتيجة للطبيب، لكن الذي يستكمل عملية التشخيص هو الطبيب لأنه من اختصاصه”.
وعبر المتحدث عن رأيه قائلا “بحكم اشتغالي بهذا المجال، لا أظن بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل الطبيب ويقوم بدور التشخيص الدقيق، وربما هذا الأمر من المستحيلات ومن الأمور غير المرغوب فيها هو أن نعطي للآلة دورا أكبر من حجمها”.
وأكد الخبير على أن دور الذكاء الاصطناعي هو القدرة الهائلة لتجميع المعلومات ولمعالجة كمية كبيرة منها أما الاستنتاج والتحليل في الأخير يبقى من اختصاص الانسان، قائلا، “كلما أعطينا للتكنولوجيا دورا أكبر من حجمها كلما ازدادت المشاكل وكلما أغرقت البشرية ونحن نشهد على ذلك في العديد من المجالات وما آلت إليه”، يضيف المحفوظي.
وختم الباحث الاكاديمي في التحول الرقمي حديثه مبرزا بالقول، “لكي نفهم فلسفة هذا النوع من التساؤلات نعطي دائما مثالا بالطائرة والربان، فالربان لديه مساعد وحاسوب للمساعدة في الصعود والهبوط ولا يمكن أن يتكلف “الروبو” وحده بهذه العملية، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مخاطر ..لهذا أقول لابد من التدخل البشري رغم وجود الآلة أو الذكاء الاصطناعي”.