تنفرد الشراكة المغربية الصينية بـ”التوازن” و”الارتكاز على المصالح المشتركة”، بعكس شراكات الصين مع باقي دول إفريقيا التي غالبا ما تطبعها مظاهر التبعية الاقتصادية أو التركيز على استغلال الموارد الطبيعية، وِفق ما أوردته ورقة بحثية لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي.
وأكدت الورقة البحثية، أن الشراكة المغربية-الصينية تجسد بعدا استراتيجيا مبنيا على التكامل وتعزيز التنمية للطرفين، مع الحرص على تحقيق منافع متبادلة. كما تعكس رؤية المغرب التنموية المنفتحة وتوجهاته نحو تنويع شركائه الاقتصاديين.
وبالرغم من التقارب مع الصين، يحافظ المغرب، بحسب ذات الورقة البحثية، على شبكة واسعة من الشراكات الاقتصادية تشمل الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ودول الخليج، مما يمنحه قوة تفاوضية أكبر ويجعله أقل عرضة للوقوع في فخ التبعية.
ويرى مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أن تنويع الشركاء هو جزء من السياسة الاقتصادية المغربية التي تستهدف تحقيق استقلالية القرار الاقتصادي وجذب استثمارات متعددة الأبعاد تخدم الأولويات الوطنية.
كما يؤكد أن الصين ترى في المغرب منصة مثالية لتوسيع حضورها في إفريقيا، بينما يستفيد المغرب من قدرات الصين التقنية والتمويلية لدعم مشاريعه الكبرى، الشيء الذي يدعم المغرب من خلاله مبادراته لتعزيز التجارة البينية داخل القارة، مثل منطقة التجارة الحرة الإفريقية، مما يجعل دوره محوريا في صياغة نموذج جديد للتعاون الدولي.
وأوضح ذات المركز، أن الشراكة الاقتصادية بين المغرب والصين لا ترتكز فقط على تحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة، بل تسعى أيضا إلى خلق دينامية جديدة قوامها التنمية المستدامة واحترام السيادة الوطنية، مردفا أن هذا التوازن يؤكد أن المغرب ليس مجرد متلقٍ للاستثمارات، بل شريك فاعل يضع معايير جديدة للشراكات الدولية في إفريقيا، ما يعزز موقعه كفاعل رئيسي في العلاقات الاقتصادية العالمية.
وشهدت العلاقات بين البلدين على المستوى التجاري، نموا ملحوظا خلال العقد الأخير، حيث ارتفع حجم المبادلات التجارية إلى مستويات غير مسبوقة، تجاوزت 6 مليارات دولار في عام 2023، ما يجعل الصين من بين أهم الشركاء التجاريين للمغرب.
وتعد الصين المورد الرئيسي للمنتجات الصناعية مثل الآلات والمعدات الإلكترونية التي تدعم القطاعات الإنتاجية في المغرب، بينما يصدر المغرب إليها الفوسفات ومشتقاته، بالإضافة إلى المنتجات الفلاحية والصناعات الغذائية التي تشهد طلبا متزايدا في السوق الصينيةّ، بحسب ما أوردته الورقة البحثية لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي.
ويعد مشروع مدينة “طنجة تيك” أحد أبرز رموز التعاون الصيني المغربي، الذي جعلت الصين عبره من المملكة بوابة لدخول الأسواق الأفريقية حيث يسعى إلى إنشاء منطقة صناعية عالمية بتقنيات متطورة، توفر آلاف مناصب الشغل وتعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي في مجالات التصنيع والابتكار.