يقع آلاف المهاجرين من مختلف بقاع العالم ضحية عمليات احتيال كبيرة، من طرف ممن يتغذون على أحلام الضحايا الذين يأملون في بناء مستقبل مزهر والظفر بحياة جديدة في بلد آخر، ربما سيكون ملاذهم من الفقر والبطالة، والمكان الذي لطالما تمنوا أن تطأه أقدامهم.
والكثير من المهاجرين تتلاشى أحلامهم ويتمكن اليأس منهم، لدرجة أن يتخلوا عن طموحهم، بمجرد أن يقعوا ضحية عمليات نصب، ولا سيما تلك التي تعدهم بوظائف بشروط جيدة وأجور مرتفعة في بلدان أجنبية، ليصبح بذلك مجال التوظيف بالخارج مثل حقل ألغام يجب معه التفكير مليا في كل حركة، حيث أن كل خطوة غير محسوبة يمكن أن تفقدك كل شيء.
ويفسر استهداف عصابات النصب بشكل خاص للعمال الأجانب، بكون المهاجرين لا يكونون على دراية بطرق التفريق بين عمليات التوظيف الحقيقية والوهمية، ولا يعلمون شيئا عن قوانين التوظيف في البلد الآخر أو حقوق العمال فيه.
وتتيح الرقمنة اليوم آلاف الفرص، إذ أنه بنقرة واحدة يمكن الاطلاع على آلاف الإعلانات الوظيفية، التي يمكن أن يكون بعضها حقيقيا وآخر وهميا يمكن أن يسقط المتقدم لها في فخاخ إلكترونية معدة بشكل مثالي.
كيف يقتنص المحتالون المهاجرين؟
والمتصفح لمئات الإعلانات الوظيفية على وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع المخصصة للبحث عن عمل، يجد أن عمليات الاحتيال لا تتخذ شكلا واحدا فقط، بل تتكيف وتعتمد طرق ذكية لا يمكن معها تمييزها عن الوظائف الحقيقية، لكن جميعها لديها قواسم مشتركة، إذ يلجأ المحتالون في الغالب إلى منصات التواصل الاجتماعي أو الرسائل المرسلة عبر البريد الإلكتروني، والتي عادة ما يصنفها البريد الإلكتروني في خانة “غير المرغوب”، بالإضافة إلى أن هذه التنظيمات الاحتيالية تستهدف بشكل كبير تطبيقات الدردشة، من قبيل: WhatsApp أو Telegram، وحتى مواقع التوظيف المعروفة.
وفي الغالب، تختار عصابات النصب الوظيفي، الأفراد الذين لا يزاولون أي عمل منذ فترة طويلة، أو من يبحثون عن فرص وظيفية في الخارج أو يبحثون عن مصدر دخل إضافي عن بعد، ممن ينزلون سيرهم الذاتية على مواقع التوظيف المشهورة.
ومن المعلوم أن الأشخاص الذين يواجهون ظروف مادية صعبة، غالبا ما يتغاضون عن مجموعة من المؤشرات التي تساعدهم على التفريق بين عروض العمل الحقيقية والوهمية، الأمر الذي يرفع من فرص وقوعهم ضحية النصب، عبر مطالبتهم بأداء مبلغ رسوم بعض الوثائق أو لمساعدتهم على الحصول على الإقامة في البلد.
من الوظيفة إلى الاتجار الدولي بالبشر:
ولا تقتصر مخاطر النصب الوظيفي فقط على الاحتيال المادي، بل يمكن أن تصل إلى البشري كذلك، إذ أن مجموعة من المهاجرين الذين تلقوا عروض عمل في دول أجنبية، وجدوا أنفسهم تحت رحمة عصابات الاتجار في البشر، ولعل أقرب مثال لذلك، الحادثة التي وقعت في كمبوديا والتي تم فيها حبس مجموعة من المهاجرين مع مصادرة جوازات سفرهم وإجبارهم على الاحتيال على الآخرين، حيث لا يتم إطلاق سراحهم إلا بعد دفع الفدية.
كيف تحمي نفسك من هذه العمليات؟
ومن النصائح التي يوجهها الخبراء للمهاجرين الباحثين عن عمل في دول أجنبية، استخدام مواقع التواصل الموثوقة، كمنصة LinkedIn التي تتوفر على ميزة التحقق من مسؤولي التوظيف، بالإشارة إلى ملفاتهم الشخصية، كما ينصح بعدم الرد على رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل الأخرى التي تقدم لصاحبها فرص عمل بأجور خيالية وشروط يصعب تصديقها.
كما يحبذ القيام ببحث شامل حول الفرصة، من أجل التأكد من الوجود الفعلي للشركة أو المؤسسة، مع قراءة المراجعات لاكتشاف ما إن كان أحد آخر قد سقط ضحية النصب باسم الشركة، كما يمكن الاتصال كذلك برقم الشركة والاستفسار عن الفرصة.
ومن الضروري أن يتجنب المهاجرون تقديم بياناتهم الخاصة، بما فيها معلومات من جواز السفر أو رخصة القيادة أو رقم التعريف البنكي، كما ينصح أيضا عدم تقديم دفعة سابقة لتغطية رسوم التدريب أو الوثائق، أو الموافقة على تلقي أموال عبر الحساب البنكي عوضا عن شخص آخر، جراء مقابل مادي.
تعليقات( 0 )