عمر لبشيريت
على بعد سنة من الانتخابات التشريعية القادمة مازال ملايين المغاربة بالخارج محرومين من المشاركة والتمثيل في برلمان المملكة، مثلما نص على ذلك دستور 2011.
ويقدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إجمالي مغاربة المهجر بين 6 و 6.5 مليون شخص، موزعين على أكثر من 100 بلد، من بينهم 5.1 مليون مسجلين لدى شبكات المصالح القنصلية المغربية . فيما وصلت تحويلاتهم من العملة الصعبة إلى أزيد من 9,45 مليار درهم متم يناير 2025، مقابل 9,4 مليار درهم متم يناير 2024، حسب آخر أرقام مكتب الصرف.
وتمثل تحويلات مغاربة العالم 7% من الناتج الداخلي الخام بالمغرب، فيما تشكل حوالي 20% من الموارد المالية التي تجمعها البنوك المغربية.
هذا الإقصاء، يصفه صلاح الدين المانوزي، منسق “المجلس المدني الديمقراطي للهجرة المغربية” بخيبة الأمل، ويرجع أسبابه إلى “غياب الإرادة السياسية لدى الدولة والأحزاب هو العامل الحاسم في عرقلة تفعيل حقوق المواطنة الكاملة المنصوص عليها بشكل واضح في الوثيقة الدستورية”.
وكان المجلس المدني الديمقراطي للهجرة المغربية قد عقد ندوة صحافية، هذا الأسبوع بالرباط، طالب فيها الحكومة بإخراج القوانين التنظيمية الكفيلة بضمان المشاركة السياسية لمغاربة العالم و مشروع القانون الخاص بمجلس الجالية.
وحمَّل المانوزي وزارة الداخلية والأحزاب السياسية مسؤولية عرقلة تنزيل ما نص عليه دستور 2011 بخصوص حق مغاربة الخارج في المشاركة السياسية.
وقال “وزارة الداخلية تتحكم في مواقفها الهواجس الأمنية والسيادية، فتجد باستمرار تبريرات لتفرض في آخر المطاف تأجيل الموضوع إلى لا نهاية”.
وأضاف، في تصريح خص به موقع “سفيركم” أنه إلى جانب وزارة الداخلية هناك “الأحزاب التي يقع على عاتق ممثليها في البرلمان المصادقة النهائية على مشروع القانون الانتخابي تتخبأ باستمرار وراء قرار وزارة الداخلية لترفض المصادقة حتى على التعديلات التي تقدمها للرأي العام لتبرئة ذمتها، موقف يبرز في الحقيقة تخوفها من المساس بالتوازنات الريعية داخل المؤسسة التشريعية”.
وتابع المانوزي “نتذكر جميعا انتخابات 2021 وكيف تخلت وبسرعة بعض الأحزاب الممثلة في البرلمان على التعديلات المقترحة حول المشاركة السياسية لمغاربة العالم لفائدة القاسم الانتخابي”.
وحول تصور “المجلس المدني الديمقراطي للهجرة المغربية”، لكيفية تنظيم إشراك مغاربة الخارج في الحياة السياسية المغربية، أوضح المانوزي أنه بخلاف تجربة 1984 التي اشرف عليها ادريس البصري، وتم فيها تعيين 4 نواب لتمثيل الجالية المغربية. فإن “الدستور المغربي الجديد يقر في الفصل 17 بحق مغاربة العالم في التصويت والترشح”.
وتابع المانوزي أن ما تزخر به التجارب الدولية يسمح ببلورة تصور يضمن المشاركة السياسية لمغاربة العالم، إذ يمكن إحداث دوائر انتخابية مخصصة لمغاربة العالم، وتنظيم الانتخابات عبر السفارات والقنصليات. أو عن طريق التصويت الإلكتروني و البريدي كما تفعل دول مثل فرنسا و بلجيكا”.
ولا يرى صلاح الدين المانوزي أي تناقض أو ازدواجية بين مشاركة مغاربة العالم في الحياة السياسية ببلدان الاستقبال ومطالبتهم بالمشاركة فى بلدهم، ويشرح قائلا “فهذا موضوع لا يعني الجالية المغربية فقط. فهو في الحقيقة مرتبط بالهوية والانتماء الوجداني. ولقد تطرقنا للموضوع و اشكالياتها في الندوة التي نظمناها بكلية الحقوق بالرباط بشراكة مع مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية و الجمعية المغربية للعلوم السياسية يوم 24 ابريل 2025. وقد أبرزت تدخلات الفعاليات التي ساهمت في النقاش من ألمانيا واسبانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وأفريقيا الجنوبية وهولندا ان ممارسة حقوق المواطنة في بلدان الإقامة لا يعني بالضرورة التخلي عن البلد الأصلي، بل العكس هو تقوية الارتباط بالبلد الاصلي من منطلق القيم الديمقراطية والمواطنة التي يؤكدون تشبتهم بها أينما كانوا او تواجدوا”.