وجه أفراد من الجالية المغربية المقيمة بالخارج رسالة إلى الديوان الملكي يناشدون من خلالها الملك محمد السادس التدخل لإنصافهم بخصوص ملف العقار المحبس 13990/س، الذي تبلغ مساحته الإجمالية 491 هكتارا والكائن بسيدي رحال الشاطئ، إقليم برشيد.
وأشار الموقعون في رسالتهم إلى أن حقوقهم في هذا العقار ضلت عالقة لسنوات بسبب قرارات وصفوها بـ”المتقلبة والتعسفية” من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إضافة إلى “تقاعس السلطات الإقليمية الحالية” بعمالة برشيد، وهو ما تسبب لهم في أضرار اقتصادية واجتماعية ونفسية جسيمة أثرت بشكل كبير على استثماراتهم ومدخراتهم، وحتى على استقرارهم النفسي والأسرية، ما دفع الكثير منهم إلى العزوف عن زيارة بلدهم الأم.
وفي تصريح خاص لجريدة سفيركم، أكد فؤاد دحاني، المنسق العام لمجموعة الجالية المغربية المقيمة بالخارج والمتضررة من ملف العقار المحبس بسيدي رحال الشاطئ، ورئيس جمعية المهاجر للتنمية ومساندة مغاربة العالم، أن أبسط حقوق المواطنين المغاربة انتهكت في هذا الملف.
وأوضح أن المنطقة لم تعد صالحة للعيش الكريم، مضيفا: “لقد وقعنا في فخ شراء هذه الأراضي منذ سنوات، ولا نزال عالقين في دوامة الانتظار دون أي حلول ملموسة، مما أصابنا بالإحباط والتعب”.
وأضاف أصحاب الرسالة سالفة الذكر أنهم، ورغم مراسلاتهم المتكررة للجهات المعنية خلال السنتين الأخيرتين من أجل تسوية الملف بشكل عادل وقانوني، إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل.
فقد أكدوا أنهم وجهوا مراسلاتهم عبر القنصليات والسفارات المغربية إلى جهات رسمية عديدة، من بينها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مجلس الجالية المغربية بالخارج، وزارة الداخلية، ووالي جهة الدار البيضاء-سطات، لكنهم لم يتلقوا أي ردود إيجابية أو حتى إشارة تدل على رغبة هذه الجهات في فتح حوار بناء معهم. وأوضح أنهم واجهوا عراقيل كثيرة وصدودا غريبا من قبل هذه الجهات، بل تعرضوا لتجاهل واضح وكأن حقوق الجالية المغربية المقيمة بالخارج ليست ضمن أولويات هذه الإدارات، على حد تعبيرهم.
وفي هذا السياق تحدث دحاني عن ردود وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي وصفها بـ”المبهمة” والتي جاءت في سياق مراسلات متعددة. وأشار إلى رسالة رسمية توصلت بها القنصلية العامة من الوزارة، ورد فيها: “إن مصالح وزارة الأوقاف قد بذلت مجهودات جبارة لتسوية وضعية العقار المحبس 13990/س، حيث تم الموافقة على معاوضة البقع الخاضعة لإعادة الهيكلة بثمن رمزي قدره 80 درهما للمتر المربع، إضافة إلى السماح بمعاوضة الأجزاء الأخرى عبر مسطرة الاتفاق المباشر وبأثمنة وصفت بأنها مناسبة مقارنة بالمنطقة، بناء على قرارات لجنة خبراء وبمراعاة الجوانب الاجتماعية ووضعية العقار”.
ورغم هذه التصريحات، يرى دحاني أن اللغة المستخدمة في الرد الرسمي تعكس ما وصفه بـ”لغة الخشب”، معتبرا أن الرد يفتقر إلى الوضوح ولا يقدم حلولا عملية لتسوية الوضع. وأكد أن هذا التعقيد تسبب في أزمة حقيقية لأفراد الجالية المغربية، الذين أعرب الكثير منهم عن امتعاضهم لدرجة الامتناع عن زيارة المغرب بسبب الإحباط الناتج عن هذه المشكلة.
وتطرق المشتكون على لسان فؤاد دحاني إلى تفاصيل المعاناة التي طالتهم جراء التدبير الحالي للملف. فقد أشاروا إلى أنه منذ سنة 2019 تم منعهم من البناء على القطع الأرضية التي يملكون حقوق الانتفاع عليها في هذا العقار، رغم أنهم حصلوا سابقا على التراخيص الضرورية من الجهات المختصة بعد دفع الرسوم اللازمة.
كما أضافوا أن قرار المنع طال حتى الذين شرعوا في البناء سابقا، إذ حرموا من الحصول على رخص السكن، ما أدى إلى تجميد مشاريعهم وتعطيل مصالحهم. وأوضحوا أيضا أن وزارة الأوقاف فرضت عليهم أثمنة معاوضة وصفت بـ”التعجيزية”، مخالفة بذلك كل الوعود والاتفاقيات السابقة، مشيرين إلى أن الوزارة تخصص أسعارا تفضيلية للمواطنين من أصحاب بقع إعادة الهيكلة لا تتجاوز 80 درهما للمتر المربع، وهو ما لم يطبق على ملفهم.
علاوة على ذلك، أكد دحاني أن وزارة الأوقاف والسلطات الإقليمية عمدت إلى إقصائهم بشكل منهجي ومستدام من الحوار حول هذا الملف، حيث لم يتم تمكين ممثلي الجالية من عقد أي اجتماعات مع المسؤولين المعنيين لمناقشة الحلول الممكنة.
كما أعرب عن استيائه من تجاهل هذه الإدارات لتبعات قراراتها الجائرة على الجالية، التي استثمرت أموالها ومدخراتها بحسن نية في هذا العقار بناء على محاضر رسمية وقرارات إدارية صادرة عن السلطات الإقليمية ووزارة الأوقاف. وأكدوا أنهم يملكون نسخا من هذه الوثائق التي تثبت أحقيتهم في استغلال العقار، وأنهم مستعدون للإدلاء بها عند الطلب.
وأشادت الرسالة بخطاب جلالة الملك الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، والذي أكد فيه على ضرورة العناية بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وتعزيز روابطها ببلدها الأم، إضافة إلى إزالة العراقيل التي تواجه استثماراتها وإدماجها في الأوراش التنموية الكبرى بالمملكة.
وأوضحوا أن هذا الخطاب الملكي شكل مصدر أمل لهم في إيجاد حل منصف لهذه القضية، التي وصفوها بـ”المعقدة”، مؤكدين أنهم قرروا رفع هذا الملتمس لجلالة الملك بعدما أغلقت في وجههم جميع الأبواب.
وطالب المشتكون في رسالتهم بالتدخل الملكي العاجل لحل هذا الملف الذي عمر طويلا، وذلك من خلال سحب قرار منع البناء الصادر عن وزارة الأوقاف سنة 2019، والذي تم تنفيذه من طرف عامل إقليم برشيد منذ ذلك الحين، مما حرمهم من الحصول على سكن لائق لهم ولأسرهم.
كما دعوا إلى مراجعة أثمنة المعاوضة لتكون في متناول الجالية، واعتماد مبلغ قريب من ذلك المخصص لبقع إعادة الهيكلة التي تقع على نفس العقار المحبس. وطالبوا كذلك بإشراك ممثلي الجالية والجمعيات النزيهة في القرارات المتعلقة بهذا الملف، بما في ذلك جمعية المهاجر للتنمية ومساندة مغاربة العالم، التي تضم العديد من المتضررين.
واختتم الموقعون رسالتهم بالتأكيد على ولائهم الدائم لجلالة الملك وللوطن، مشيرين إلى أنهم، كأفراد من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يعملون على تعزيز مكانة المملكة في بلدان الإقامة ويدافعون عن قضايا الوطن ووحدته الترابية. وأعربوا عن أملهم الكبير في أن يكون التدخل الملكي سببا في تحقيق العدالة وإنصافهم، بما يعيد الثقة في المؤسسات ويعزز ارتباطهم ببلدهم الأم.