“حق الملح”.. أصل العادة في العرفان والامتنان للنساء في رمضان

ما تزال ربوع مختلفة من المملكة تحتفظ بالقيم المغربية الأصيلة، وذلك على الرغم من الحداثة التي خيمت على جل تفاصيل الحياة بالمغرب، وخاصة تلك التي تحيل على الكرم والتوادد والوفاء بين أفراد الأسرة.

يسميها البعض في المغرب بـ”حق الملح” ويطلق عليها الليبيون اسم “الكبيرة”، تختلف الأسماء من دولة إلى أخرى، لكن الغرض من هذه العادة المتوارثة واحد، وهو الاعتراف بتضحيات النساء ومجهوداتهن ولا سيما في شهر رمضان.

هي عادة قديمة جدا ترتبط في الغالب بنهاية شهر رمضان، الذي تحرص فيه النساء على إعداد أشهى الوصفات، وألذ الوجبات، وعزومة الأقارب، ومشقة تحمل جميع مسؤوليات الاهتمام بالمنزل طيلة أيام الشهر الفضيل، لتكون بذلك عربون تقدير واحترام لما تبذلنه من مجهودات داخل بيوتهن.

وعادة “حق الملح” تختزن اعترافا عميقا بتفاني المرأة وبمجهوداتها، من خلال تقديم الأزواج لهدايا قد تكون من الذهب، أو الفضة، أو حتى رمزية لزوجاتهم خلال العشر الأواخر من رمضان أو في صبيحة يوم العيد.

وتشير مجموعة من المصادر التاريخية إلى أن هذه العادة مغربية الموطن، لكن يؤكد آخرون أنها تعود إلى الأندلسيين الذين هاجروا إلى شمال إفريقيا بعد غزو بلادهم، هم من نقلوها إلى شمال إفريقيا، فحافظ عليها السكان وعلموها لأجيال أخرى التي بدورها حافظت عليها، لتنتشر بعدها في مجموعة من الدول العربية.

ويؤكد مجموعة من المؤرخين، أن سر اختلاف تسميتها بين الدول تختلف معه المبررات، فيقول البعض أنه في تونس مثلا تسمى هذه العادة بـ “حق الملح”، وترمز إلى اضطرار الزوجة في مجموعة من الحالات إلى تذوق ملوحة الطعام وهي صائمة فقط بطرف لسانها دون أن تبلعه وتفسد صيامها، أما في المغرب، فسميت بهذا الإسم لأن الزوجة تقدم طعاما شهيا طيلة شهر رمضان معتدل الملح دون أن تتذوق الطعام.

وقد يختلف سر التسمية من مكان لآخر، لكن التعريف الجامع للملح في بلاد المغرب العربي كاملة يبقى هو “العِشرة”، التي ترمز إلى سنين الحياة الطويلة التي تجمع الأزواج ببعضهم البعض وجميع أفراد الأسرة، بحلوها ومرها، لتبقى هدية حق الملح اعترافا عميقا للمرأة وتكريما على عطائها من داخل أهم مؤسسة في المجتمع.

ودأبت العادة في المغرب، على أن تعود العائلة من صلاة عيد الفطر، فتكون الزوجة قد حضرت المائدة مسبقا، وهي ترتدي أجمل ثيابها، فتقدم لزوجها طبق الحلويات وكأس الشاي المغربي، فيشربه ولا يعيده فارغا ولكنه يضع بداخله خاتما أو حليا من الذهب أو الفضة ثم يعيده إليها شاكرا تعبها واهتمامها وسهرها على راحة العائلة رغم صيام وقيام شهر الفضيل.

مقالات ذات صلة

الساحة الفنية الوطنية تفقد أحد أبرز رواد الطرب الغرناطي

بزاكورة.. علماء سويسريون يكتشفون “الأسلاف الأولى” للعناكب والعقارب

بين الحلم والوهم.. الذاكرة المريرة لمغاربة عاشوا الظلم بمناجم فرنسا

ما قصة الاحتفاء بـ”الحمير” في مهرجان FestiBaz بالمغرب؟

سفيرة المغرب بسانتياغو تتسلم قطعا أثرية مغربية نادرة تعود لـ400 مليون سنة

ما قصة أغنية “الثعبان” التي يستعملها ترامب في خطاباته ضد المهاجرين؟

شيلفا.. “شفشاون الإسبانية” والقرية الشاهدة على تلاقح الحضارات المتوسطية

العاصفة الشمسية.. كيف تؤثر على الأرض؟

من هي فلورنس نايتنغيل التي يحتفل في ذكرى ميلادها باليوم العالمي للتمريض؟

مهرجان ليريدا يبصم على مشاركة مغربية متميزة لتعريف الجالية بالثقافة المغربية

بنسعيد: نجاح الصناعة الثقافية والإبداعية يكمن في الارتباط بين الشباب والثقافة

أخنوش

أخنوش يعطي انطلاقة فعاليات الدورة 29 من المعرض الدولي للكتاب

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)