كشفت دراسة حديثة أن الطبيعة لها قدرة عجيبة على تحسين الصحة النفسية، حيث أن مشاهدة عناصر من الطبيعة ارتبط بارتفاع مؤشرات سلامة الصحة النفسية عند المشاركين في هذه الورقة البحثية.
واعتمدت هذه الدراسة التي نشرت نتائجها لأول مرة في مجلة “People and Nature”، والتي أعاد موقع “The Psychiatrist” الطبي نشرها، على تقنية تتبع العين لفحص كيفية تأثير العناصر الطبيعية والعناصر الصناعية على مزاج وقلق المشاركين.
وأوضحت الدراسة التي قادتها ويتني فليمنج من جامعة بانجور، أن استخدام تقنية تتبع العين لقياس مدى تأثير ما نراه في الخارج على صحتنا النفسية، يفتح الباب أمام استراتيجية جديدة من شأنها أن تساعد البشرية على مواجهة التوتر والقلق والاكتئاب المرتبطة عادة بنمط الحياة الحضري.
وعرفت هذه الورقة البحثية مشاركة ما مجموعه 117 مشاركا بالغا، وقام الباحثون بتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات رئيسية، المجموعة الخضراء وهي التي ستركز في البحث على العناصر الطبيعية كالأشجار والنباتات، فيما ركزت المجموعة الرمادية على العناصر الصناعية كالمباني، فيما شملت المجموعة المختلطة مزيجا بين الاثنين.
وجرى تزويد المشاركين بنظارات خاصة يمكنها تتبع العين خلال جولة إرشادية مدتها 45 دقيقة، توقفوا فيها عند نقاط ركزت إما على العناصر الطبيعية أو المصنعة أو مزيج بين الاثنين، بناء على مجموعتهم.
وقدم الباحثون للمشاركين استبيانات من أجل ملئها بهدف قياس مزاجهم ومستويات القلق لديهم ثم جودة الجولات، كما شملت الاستبيانات مقياس العاطفة الإيجابية والسلبية “PANAS” ومقياس القلق “STAI”، وقدمت كذلك بيانات تتبع العين قياسات دقيقة للتفاعل البصري، مؤكدة أن المشاركين ركزوا على ما كان مطلوباً منهم.
وأظهرت النتائج، أن المجموعة التي ركزت على العناصر الطبيعية أبلغت عن تحسن ملحوظ في المزاج وانخفاض في مستويات القلق بالمقارنة مع الفئة التي ركزت على العناصر الصناعية، موضحة أن المجموعة الخضراء أبدت مستويات عالية من العواطف الإيجابية وشعورا بالانتعاش والتجدد.
وفي المقابل، لم تظهر المجموعة الرمادية أي فوائد مماثلة، بينما أظهرت المجموعة المختلطة بعض الفوائد، ما يؤكد على أن التركيز الجزئي على الطبيعة يمكن أن يكون كذلك مفيداً.
وأشارت هذه الدراسة إلى أن نتائجها يمكن أن يكون لها تأثير كبير على كل من التخطيط الحضري والصحة النفسية، حيث يمكن أن يساعد دمج العناصر الطبيعية في التصميم الحضري، مثل المساحات الخضراء والشوارع المصفوفة بالأشجار والحدائق، في تخفيف اضطرابات الصحة النفسية المرتبطة بنمط الحياة في المدينة.
وصرح مؤلفوا الدراسة في تصريح للموقع “نقترح إنشاء مساحات تشتمل على عناصر طبيعية يمكن للأفراد النظر إليها؛ وتصميم مساحات طبيعية تشجع الناس على التفاعل مع الطبيعة؛ وكذا تضمين عدد أكبر من العناصر الخضراء المحددة مثل الأشجار والنباتات”.
وواصل الباحثون: “إذا تمكن المسؤولون عن التخطيط الحضري وكذا المهندسون المعماريون من وضع العناصر الطبيعية في حياة الناس اليومية، مثل: أثناء الطريق إلى العمل أو المدرسة، فقد يساهم ذلك بشكل كبير في تقليل العبئ النفسي اليومي على الأفراد”.
وخلص المشرفون على هذه الدراسة إلى أن نتائجها تبرز بشكل عام أهمية التفاعل البصري مع الطبيعة، وتوضح أن موضوع تركيز الانتباه على أمر معين يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصحية النفسية، ما يعني أن مجرد النظر إلى الأشجار والأزهار وغيرها من العناصر الطبيعية يمكن أن يكون نعمة كبيرة على الصحة النفسية.
تعليقات( 0 )