كشفت دراسة حديثة، أن تصورات الأفراد لأدوارهم كشخصيات رئيسية أو ثانوية في حياتهم، تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية.
ووجدت هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “Journal of Research in Personality” والتي أعاد موقع “Psychological Post” نشرها، أن الأشخاص الذين يرون أنفسهم كشخصيات رئيسية يميلون إلى امتلاك صحة نفسية جيدة مقارنة بأولئك الذين يرون أنفسهم كشخصيات ثانوية.
وهدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على كيفية تأثير الذكريات والهوية على الصحة النفسية، استنادا إلى أبحاث سابقة أظهرت أن طريقة سرد الأشخاص لقصص حياتهم، بما في ذلك المشاعر والقضايا المهمة بالنسبة لهم، يمكن أن تؤثر على صحتهم العقلية.
واعتمدت هذه الدراسة على نهج جديد من خلال مطالبة المشاركين بتقييم دورهم في قصص حياتهم، لمعرفة ما إن كانوا يرون أنفسهم كشخصيات رئيسية قيادية أو كشخصيات ثانوية تراقب من الخلفية.
وقام الباحثون بإجراء ثلاث دراسات شملت طلاب المرحلة الجامعية، من أكثر الجامعات المرموقة في غرب الأوسط الأمريكي.
وشملت الدراسة الأولى حوالي 358 طالبا جامعيا، يبلغ متوسط عمرهم 18.7 عاما، أغلبهم من الإناث والطلبة البيض، الذين شاركوا فيها للحصول على اعتمادات بحثية، من خلال استكمال استبيان عبر الإنترنت في نقطتين زمنيتين مختلفتين بفارق أربعة أسابيع بين كل استبيان.
وطُلب من المشاركين تقييم أنفسهم على ثلاثة مراحل مصممة لقياس ما إن كانوا يشعرون بأنهم شخصيات رئيسية أو ثانوية في حياتهم، واستخدمت الدراسة مقياسا من 1 إلى 5، مع مصطلحات مختلفة مثل “شخصية ثانوية” مقابل “شخصية رئيسية”، و”شخصية جانبية” مقابل “شخصية رئيسية”، و”شخصية خلفية” مقابل “شخصية رئيسية”.
وأجرى الباحثون المشرفون على هذه الدراسة حسابا لمتوسط هذه التقييمات، من أجل الحصول على درجة شخصية رئيسية واحدة لكل مشارك في كل نقطة زمنية، فكانت درجاتهم على هذا المقياس عالية.
ووجد الباحثون أن المشاركين الذين رأوا أنفسهم كشخصيات رئيسية في قصص حياتهم أبلغوا عن مستويات أعلى من الرفاه النفسي ورضا أكبر عن العناصر النفسية الأساسية، من قبيل: الاستقلالية، الكفاءة، والتواصل، حيث أوضحت البيانات الطولية أن الشعور كشخصية رئيسية في النقطة الزمنية الأولى سجل بعد أربعة أسابيع مستويات أعلى من سلامة الصحة النفسية، حتى عند التحكم في مستويات العناصر الأولية.
فيما شملت الدراسة الثانية 326 طالب، وكانت الملفات الديمغرافية مشابهة للدراسة الأولى، إذ طلب من المشاركين ملئ الاستبيان الأول من خلال تذكر اللحظات التي شعروا فيها كشخصية رئيسية، وبعد ذلك أكملوا استبيانا آخر حول الأوقات التي أحسوا فيها بأنهم شخصية ثانوية.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين تذكروا أوقاتا شعروا فيها كشخصيات رئيسية ارتفعت لديهم مستويات سلامة الصحة النفسية، وفي مقابل ذلك سجل الطلبة الذين تذكروا أوقاتا شعروا فيها كشخصيات ثانوية انخفاضا كبيرا في هذه المقاييس.
أما الدراسة الثالثة فقد شملت 298 طالبا جامعيا، طلب منهم في البداية سرد ثلاثة أهداف حالية يسعون لتحقيقها وتقييم دوافعهم لهذه الأهداف، ثم أكملوا مقاييس العناصر النفسية الأساسية، وتصورات الشخصية الرئيسية. كما طلب منهم، كتابة نص سردي يصفون فيه أنفسهم كشخصيات في قصص حياتهم.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين رأوا أنفسهم كشخصيات رئيسية كانوا أكثر ميلا لمتابعة أهدافهم وطموحاتهم الشخصية التي تتماشى مع قيمهم، كما أظهروا مستويات أعلى من الدوافع الذاتية، ومستويات أقل من الحوافز المتحكم بها.
وخلص الباحثون إلى أن الطريقة التي يرى بها الفرد نفسه كشخصية رئيسية فاعلة أو ثانوية جانبية في حياته، من المحتمل أن تؤثر على صحته النفسية، فعندما يرى الناس أنفسهم كقوة فاعلة في حياتهم ويتخذون قرارات بأنفسهم، كما تفعل الشخصيات الرئيسية، فإنهم يصبحون أكثر اندماجا في المجتمع.
تعليقات( 0 )