شهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية توترا في الأيام الأخيرة، بعدما قررت باريس إعلان دعمها الرسمي لسيادة المملكة على الصحراء، وهو ما دفع بالجزائر إلى سحب سفيرها لدى فرنسا، مهددة بمزيد من الخطوات التصعيدية، في الوقت الذي يتوقع آخرون أن تضطر الجزائر إلى تخفيف حدة التصعيد.
وفي هذا السياق، أعرب رشيد لبكر، الخبير السياسي، في تصريح أدلى به لجريدة “سفيركم”، عن توقعاته بشأن خطوات الجزائر القادمة في ظل تطورات السياسة الدولية، حيث أشار إلى أن الجزائر قد تعيد تفعيل مهام سفيرها بفرنسا خلال الأيام المقبلة.
ويسند رشيد لبكر، هذا التوقع إلى التجربة السابقة مع إسبانيا، عندما قررت الأخيرة الاعتراف بمغربية الصحراء، مما قد يدفع الجزائر لتكرار نفس السيناريو في علاقتها مع فرنسا.
ووصف المتحدث ذاته، النظام الجزائري بأنه ما زال يفتقر إلى الاحترافية في مجال الدبلوماسية مقارنة بالدول العريقة، مؤكدا أن إعلان فرنسا اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء هو قرار سيادي فرنسي لا يمكن لأي جهة محاسبتها عليه، ولا يؤثر على الجزائر من وجهة نظر النظام الجزائري.
وقال رشيد لبكر الخبير السياسي، “من المتوقع جدا أن تقدم الجزائر خلال الأيام على إعادة تفعيل مهام سفيرها بفرنسا، هذا، في توقعي، ما ستقوم به على غرار ما قامت به مع اسبانيا عندما أقدمت هذه الأخيرة على إعلان اعترافها بمغربية الصحراء”.
كما أوضح لبكر أن النظام الجزائري يتبنى دائما موقفا ينفي كونه طرفا في الصراع في الصحراء، مشددا على أن موقف الدول الأخرى هو شأنها الخاص ويجب احترامه، قائلا: “فمن الراجح تكرار نفس السيناريو، ليؤكد أن النظام الجزائري ما زال هاويا في مجال الديبلوماسية ولا يمارسها باحترافية الدول العريقة، فإقدام فرنسا على إعلان هذا الاعتراف هو قرار سيادي فرنسي ولا يمكن لأحد أن يحاسبها عليه، كما أنه لا يعني الجزائر ولا يمسها في شيء وفق منطق النظام الجزائري، الذي عهدناه يصرح دائما، بأنه غير معني بالصراع في الصحراء وليس طرفا فيه، إذن فما شأن الجزائر والحالة هذه وموقف دولة أخرى، التي من حقها أن تتخذه كيف شاءت وأن تعلن عنه في الوقت الذي تريد”.
وفي السياق ذاته، يرى لبكر أن إعادة السفير الجزائري إلى فرنسا لمواصلة مهامه هي أقصى ما يمكن للجزائر فعله بعد فترة من الغضب السياسي والتهور، الذي أصبح سمة متكررة في تصرفات النظام الجزائري، موضحا ذلك بقوله: “وعليه، فإرجاع السفير الجزائري إلى العاصمة الفرنسية لمواصلة مهامه، هو أقصى ما تستطيع فعله الجزائر بعد أن تهدأ فورة الغضب والطيش السياسي اللذان أصبحا قاعدة تلازم تصرفات النظام الجزائري وتسيء إليه وإلى صورة الجزائر في الداخل والخارج، بحيث يبدو نظاما تائها، فاقدا للبوصلة، عاجزا عن الفعل والمبادرة، وهذا طبيعي جدا، إذ لم يعد له شيء آخر، يقدمه ويقنع به، غير تكرار نفس الاسطوانة المشروخة المتعلقة ب” تقرير المصير”.
فيما أضاف هذا الأخير، أن النظام الجزائري لم يعد لديه ما يقدمه أو يقنع به، سوى تكرار “أسطوانة مشروخة” حول تقرير المصير، في وقت أكدت فيه أكثر من 84% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عدم اعترافها بالكيان الوهمي، وأكدت أن مقترح الحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية هو الحل الأمثل لإنهاء هذا النزاع الذي يشكل تهديدا لمصالح العديد من الدول، بما فيها فرنسا، قائلا: “ففي الوقت الذي عبرت فيه أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة عن عدم اعترافها بالكيان الوهمي مقرة بأن مقترح الحكم الذاتي بالصحراء الغربية في ظل السيادة المغربية هو الحل السياسي، الواقعي والعملي لإنهاء هذا المشكل الذي أصبح مصدر قلاقل بمنطقة الساحل بأكملها وتهديدا لمصالح العديد من الدول ومنها فرنسا.
وأشار الخبير السياسي، إلى أن أكثر من 30 دولة فتحت قنصلياتها في العيون والداخلة دعما لهذا المقترح، مما يترك النظام الجزائري في موقف حرج، قائلا، “فإذا كان أكثر من 30 دولة قد قامت بفتح قنصلياتها بالعيون والداخلة تعبيرا منها على دعم هذا المقترح، فهل بقي شيء آخر يقيم عليه النظام الجزائري موقفه غير البروباغندا وتسليح عصابات النهب والترهيب؟”
وخلص رشيد لبكر، أستاذ القانون العام، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، في جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أنه “من المفروض أن يسارع النظام الجزائري، بالنظر لتطور الأحداث الجارية، إلى مراجعة الذات بدل العنجهية الكاذبة، وان ينأى بنفسه عن المواقف المحرجة التي تمليها مثل هذه القرارات المتسرعة وغير القادر على مجاراة آثارها مسقبلا، وأن يعي بأن مصلحة الجزائر بل وشعوب الإقليم المغاربي بأكمله، في أن يعم السلام والتعاون بين كل دوله لمواجهة قضاياها المصيرية المشتركة وما أكثرها مع الأسف”.
تعليقات( 0 )