قال المنسق العام للمنتدى المتوسطي للشباب بالمغرب، ياسين إصبويا، إن للشباب قدرة فائقة على تبني وتطبيق التغييرات الاجتماعية والثقافية، مضيفا أن دستور المملكة المغربية أكد على دورهم المحوري في بناء المستقبل وتعزيز قيم المواطنة.
وتابع، الباحث في قضايا الشباب والمجتمع المدني، في حوار مع جريدة “سفيركم” الإلكترونية، أن الخطابات الملكية تؤكد باستمرار على أهمية الشباب، مبرزا أن الشباب يعد على الصعيد العالمي قوة اقتصادية هائلة تؤثر بشكل مباشر في السوق العالمي.
وأكد إصبويا، على أنه للاستثمار في الطاقات الشابة، لابد من توفير عدة شروط من أهمها تطوير النظام التعليمي ليواكب التحديات الحديثة من خلال تقديم تعليم عالي الجودة يركز على المهارات التقنية والرقمية، مشددا على ضرورة توفير بيئة قانونية وتنظيمية مشجعة لتعزيز مشاركة الشباب في الحياة المدنية والسياسية.
وهذا نص الحوار:
ما أهمية الشباب على المستوى الوطني والدولي؟
-ونحن نحتفل باليوم العالمي للشباب لعام 2024 تحت شعار “من النقر إلى التقدم: مسارات الشباب الرقمية للتنمية المستدامة”، يمكن التأكيد على أهمية الشباب على المستوى الوطني والدولي.
تبرز أهمية الشباب على المستوى الوطني انطلاقا من التركيبة السكانية، حيث يشكل الشباب المغربي جزءًا كبيرًا من السكان حوالي 16 فالمئة الذين تبلغ أعمارهم مابين 15 و24 سنة، مما يجعلهم عنصراً حيوياً في دفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي، ويمثلون نسبة كبيرة من القوة العاملة، وبالتالي فهم يساهمون بشكل مباشر في تعزيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي للبلاد.
إلى جانب ذلك، يتمتع الشباب بقدرة فائقة على تبني وتطبيق التغييرات الاجتماعية والثقافية، مما يجعلهم محركاً رئيسياً للتحول الاجتماعي. يتجلى هذا الدور في مشاركتهم الفاعلة في تعزيز القيم الحديثة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. تعزز هذه الأهمية الدستورية من خلال التأكيد الذي أولاه الدستور المغربي للشباب، حيث ينص على دورهم المحوري في بناء المستقبل وتعزيز قيم المواطنة والانخراط في الحياة العامة والتأكيد من خلال الفصل 33 على توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد.
كما أن الخطابات الملكية السامية تؤكد باستمرار على أهمية الشباب في دفع عجلة التنمية، وتعبر عن التزام الدولة من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وباقي المبادرات الحكومية بدعمهم وتوفير الفرص لهم لتحقيق إمكانياتهم. هذا الدعم الملكي والحكومي يعزز من دور الشباب في مجالات الابتكار وريادة الأعمال، حيث يسعون إلى تطوير مشاريع صغيرة ومتوسطة تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية الاقتصادية المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، يشارك الشباب المغربي بشكل متزايد في الحياة السياسية والمدنية من خلال الجمعيات والحركات الشبابية، حيث يساهمون في تشكيل السياسات العامة والدفاع عن القضايا التي تهم المجتمع. وتظهر أهمية الشباب أيضاً في دورهم المحوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال مبادراتهم التي تهدف إلى مكافحة الفقر، تحسين التعليم، وحماية البيئة، مما يجعلهم قوة لا غنى عنها في بناء مستقبل مستدام للمغرب.
أما على الصعيد الدولي، يُعَد الشباب قوة اقتصادية هائلة تؤثر بشكل مباشر في سوق العمل العالمي. من خلال مشاركتهم النشطة وزيادة الإنتاجية، يساهمون في دفع عجلة الاقتصاد العالمي. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الشباب بتأثير ثقافي واجتماعي كبير، حيث يلعبون دوراً رئيسياً في تشكيل الاتجاهات الثقافية والاجتماعية عبر العالم، مستخدمين في ذلك التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأفكار والقيم وإحداث تغييرات ملموسة في المجتمعات. في مجال التكنولوجيا والابتكار، يقود الشباب التقدم التكنولوجي، حيث يطورون ويستخدمون تقنيات حديثة تساعد في مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي والصحة والتعليم. كما يلعب الشباب دورًا أساسيًا في بناء السلام وحل النزاعات الدولية، من خلال مشاركتهم في مبادرات السلام والحوار بين الثقافات، مما يساهم في تعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب.
يمكننا في الأخير الحديث على أن الشباب يمثلون عصب المجتمع وقلبه النابض سواء على المستوى الوطني أو الدولي، حيث يبرز كمحرك رئيسي في تحقيق الاستدامة العالمية، حيث يقودون حملات ومبادرات تهدف إلى حماية البيئة وتحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، مما يجعلهم عاملاً أساسياً في بناء مستقبل عالمي مستدام وسلمي.
كيف يمكن الاستفادة من الطاقات الشابة والاستثمار فيها؟
-للاستفادة من الطاقات الشابة والاستثمار فيها يتطلب رؤية استشرافية واستراتيجية شاملة تركز على تطوير مهاراتهم وتمكينهم ليصبحوا فاعلين أساسيين في المجتمع. انطلاقا من الاستثمار في الموارد البشرية الشابة وتطوير النظام التعليمي ليواكب التحديات الحديثة من خلال تقديم تعليم عالي الجودة يركز على المهارات التقنية والرقمية، بالإضافة إلى المهارات الناعمة مثل التفكير النقدي والابتكار. دعم ريادة الأعمال يعد أيضًا ضروريًا، عبر توفير بيئة داعمة تشمل حوافز مالية، منصات للمشاريع الناشئة، وبرامج توجيه تساعد الشباب على تحويل أفكارهم إلى أعمال ناجحة.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم توفير بيئة قانونية وتنظيمية مشجعة لتعزيز مشاركة الشباب في الحياة المدنية والسياسية من خلال منصات تتيح لهم التعبير عن آرائهم والمشاركة في صياغة السياسات، وفي نفس السياق ومن اجل تعزيز روح الانتماء لدى الشباب يتطلب إدماج البعد الشبابي في المخططات الجهوية للتنمية وبرامج عمل الجماعات الترابية من خلال سياسة جهوية شبابية مندمجة. كما أن الاستثمار في الصحة والرفاهية النفسية والجسدية للشباب يساهم في بناء جيل قوي قادر على العطاء والإنتاج.
كما يجب تشجيع الابتكار والبحث العلمي من خلال دعم مراكز بحثية وتعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية والصناعية. القطاع الخاص يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تدريب وتوظيف الشباب عبر شراكات توفر فرص عمل وتدريب مخصصة. تعزيز العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية يسهم في تطوير مهارات القيادة والمسؤولية لدى الشباب. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الهوية الوطنية والقيم الثقافية من خلال برامج مخصصة، وتشجيع الشباب على المشاركة في برامج التبادل الثقافي الدولي لتوسيع رؤيتهم وتطوير مهارات جديدة. باتباع هذه الاستراتيجيات المتكاملة، يمكن تحويل طاقات الشباب إلى قوة دافعة للتنمية المستدامة والازدهار المجتمعي.
ما هي أهمية أكاديمية الشباب التي نظمتم مؤخرا والتي جمعت شبابا من المغرب وخارجه؟
-تجسد الأكاديمية المتوسطية للشباب أهمية كبيرة في تعزيز التعاون والتفاهم بين الشباب من مختلف دول البحر الأبيض المتوسط. جمعت هذه المبادرة المتميزة 150 شاب وشابة من خلفيات ثقافية متعددة، مما يعزز الحوار والتبادل الثقافي، ويساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا.
حيث أبرزت الأكاديمية دورها البارز في تعزيز الحوار بين القطاعات الحكومية والشباب والمؤسسات الجامعية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية. حيث عمل الجميع كشركاء في تنظيم الفعاليات والأنشطة، مما ساعد على دمج وجهات نظر متنوعة في معالجة القضايا المشتركة.
هذا التعاون يعزز من فعالية المبادرات ويضمن تنوع الحلول المقدمة. كما لعبت الأكاديمية دورًا حيويًا في بناء قدرات الشباب من خلال ورش العمل والتدريبات المتقدمة. تقدم هذه الأنشطة فرصًا لتطوير المهارات القيادية والإبداعية، مما يمكن الشباب من أن يصبحوا قادة فاعلين في مجتمعاتهم ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
كما تجلى تأثير الأكاديمية أيضًا في تعزيز الفهم المتبادل والتعاون الإقليمي. من خلال جمع شباب من دول مختلفة، مما يسهم في بناء شراكات قوية ويعزز الاستقرار والاندماج في المنطقة. حيث ساهمت الأكاديمية في زيادة الوعي بالقضايا الأساسية مثل حقوق الإنسان، التحولات الرقمية، والتحديات المناخية. من خلال التركيز على هذه المواضيع، تساهم الأكاديمية في رفع الوعي لدى الشباب حول أهمية دورهم في معالجتها، مما يعزز من قدرتهم على التصدي للتحديات التي تواجههم، ومن خلال لحظات التفكير المبرمجة، توفر الأكاديمية منصة للتأمل الشخصي والجماعي. هذه اللحظات تعزز الفهم العميق للتجارب والدروس المستفادة، مما يساعد في تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات المستقبلية.
كما عملت الأكاديمية على تشجيع بناء مشاريع ومبادرات شبابية مبتكرة، مما يسهم في تطوير مشاريع جديدة تهدف إلى تحسين المجتمعات وتعزيز التنمية المستدامة.
في الختام، تؤكد الأكاديمية المتوسطية للشباب على أهمية التعاون المتعدد الأطراف وتعزيز دور الشباب في مواجهة التحديات وبناء مستقبل مستدام في منطقة البحر الأبيض المتوسط. تظل هذه المبادرة مثالًا بارزًا على كيفية تحقيق التكامل بين مختلف الفاعلين من أجل تحقيق التنمية المستدامة والتقدم الاجتماعي.
تعليقات( 0 )