آمنستي: عدم التصدي إلى العنصرية المؤسساتية في بريطانيا هو سبب أعمال العنف العنصرية في الشوارع

كشفت منظمة العفو الدولية “آمنستي” أن شوارع المملكة المتحدة شهدت موجة متزايدة من العنف العنصري والإسلاموفوبيا، بسبب العجز الحكومي في معالجة قضايا العنصرية المؤسساتية، مبرزة أن التوترات الحالية جاءت نتيجة لأربع سنوات من الفشل في معالجة التفاوتات العرقية التي يعاني منها المواطنين من أصول مهاجرة في عدة مجالات حيوية مثل النظام القضائي، الصحة، التعليم، التوظيف، والهجرة.

وأوضح تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أن بريطانيا شهدت، خلال العقد الماضي، ارتفاعًا مقلقا في جرائم الكراهية الدينية، حيث تعيش نسبة 47% من الأطفال من عرقيات معاجرة في الفقر، مقارنة بـ24% من الأطفال البيض، أما بالنسبة لاحتمالية تعرض القاصرين السود للتفتيش دون ملابس من قبل الشرطة، فهي تزيد بـ6.5 مرات مقارنة بالبيض، وتصل إلى 4.7 مرات عند البالغين السود مقارنة بالبيض.

وأكدت آمنستي أن الوضع زاد سوءا مع استخدام السياسيين لغة سامة وغير إنسانية في وصفهم للمجتمعات المهاجرة والمسلمة، ما دفع مجموعة من المنظمات الحقوقية إلى التحذير من انتهاك المملكة المتحدة لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالعنصرية.

وفي تقرير مشترك صادر عن مؤسسة “رانيمايد تراست” ومنظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة، تم تقديمه للجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري خلال دورتها الـ113، سلط الضوء على انتهاكات الحكومة البريطانية لبنود رئيسية في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

وأيدت أكثر من 40 منظمة من المجتمع المدني هذا التقرير المكون من 50 صفحة، والذي يبين أن الأقليات والمجتمعات المهاجرة والمسلمة شهدت تراجعا مقلقا في حقوقها المدنية والسياسية، كما أن السياسات والتشريعات الحالية تواصل التآمر ضد مصالح هذه الفئات.

وعبرت المنظمة عن قلقها من مجموعة من القوانين التي توضح عدم الامتثال لحقوق الإنسان في التشريعات الأخيرة المتعلقة بالهجرة، بما في ذلك قانون الهجرة غير الشرعية لعام 2023، الذي قد يؤثر بشكل سلبي على المجتمعات المهاجرة، وقانون الشرطة والجريمة والعقوبات والمحاكم (2022)، وقانون الانتخابات (2022)، وقانون الجنسية والحدود (2022)، والتي تشكل تهديدا كبيرا ومستمرا لحقوق الأقليات المدنية والسياسية.

 

تمييز ممنهج وإحصائيات صادمة

وأكدت آمنستي أن نسبة 47% من الأطفال المهاجرين يعيشون في الفقر مقارنة بـ24% من الأطفال البيض، احتمالية تعرض القاصرين السود للتفتيش دون ملابس من قبل الشرطة تزيد بـ6.5 مرات مقارنة بالأطفال البيض، وتصل إلى 4.7 مرات عند البالغين السود. كما أنهم معرضون بشكل كبير للملاحقة القضائية بمعدل 16 مرة أكثر من البيض، بينما الآسيويون أكثر عرضة بأربع مرات.

وأشارت منظنة العفو الدولية إلى أن النساء البنغلاديشيات الحاملات للجنسية البريطانية أكثر عرضة بثماني مرات للبقاء دون عمل مقارنة بالنساء البيض، يليهم المهاجرون من أصول باكستانية بنسبة 23%، بينما يعتبر السود أكثر عرضة للعمل في ظروف غير مستقرة بـ 19% مقارنة بالأشخاص البيض بـ9.6%.

وأضافت أن النساء المهاجرات ومن أصول مهاجرة هن الأكثر عرضة بثلاثة أضعاف للحصول على عقود عمل مؤقتة مقارنة بالرجال البيض، مبرزة أن جرائم الكراهية الدينية ضد المسلمين أو من يُعتقد أنهم مسلمون تمثل النسبة الأكبر من الجرائم، حيث تصل إلى 44%، ثم تليهم الجرائم المرتكبة في حق اليهود بنسبة 19%.

وأوصى تقرير المنظمة بإلغاء الحد المسموح به للمزايا الاجتماعية للأطفال الذي حدد في طفلين فقط، وإلغاء واجب الوقاية (Prevent Duty) الذي يستهدف المجتمعات المسلمة بشكل غير عادل، ثم حظر التفتيش العاري للقاصرين في جميع القوانين والممارسات، إلى جانب إلغاء برنامج “أمر الحد من العنف الخطير” (Serious Violence Reduction Order).

وشملت توصيات المنظمة أيضا إلغاء التشريعات المضرة بالمجتمعات المهاجرة، بما في ذلك قانون الشرطة والجريمة والعقوبات والمحاكم (2022)، وقانون النظام العام (2023)، وقانون الانتخابات (2022) والمادة 10 من قانون الجنسية والحدود (2022)، بالإضافة إلى الاعتراف بالحق في السكن كحق إنساني أساسي في القوانين والسياسات الوطنية، وكذا ضمان حق العمال في ظروف عمل عادلة، بما في ذلك أجور تضمن لهم ولعائلاتهم حياة كريمة.

وفي هذا الصدد، صرحت ألبا كابور، مديرة الشؤون السياسية في منظمة “رانيمايد تراست”: “في ظل تصاعد هجمات المتطرفين اليمينيين ضد المهاجرين والمسلمين في المملكة المتحدة، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى معالجة الظلم العنصري.”

وأضاف إلياس ناجدي، مدير العدالة العرقية في منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة: “العنف العنصري والإسلاموفوبيا اللذان يتفشيان في شوارع المملكة المتحدة يكشفان عن فشل الحكومات المتعاقبة في التقدم في مجال العنصرية المؤسسية.”

وخلص إلى الإشارة إلى أنه “يتعين على الحكومة الجديدة في المملكة المتحدة ألا تكتفي بالإصلاح التدريجي، بل يجب أن تعيد فتح النقاش الوطني، وأن تجعل مكافحة العنصرية وعدم المساواة المؤسسية أولوية في مهامها، مع ضمان حماية الفئات الأكثر تهميشًا في البلاد”.

تعليقات( 0 )