في خطوة إنسانية جديدة، أصدر الملك محمد السادس، يوم أمس الاثنين، بمناسبة ثورة الملك والشعب، عفوه عن 4831 شخصا ممن كانوا مدانين أو متابعين في قضايا زراعة القنب الهندي، وتأتي هذه المبادرة في سياق تحولات كبيرة يشهدها المغرب في تعامله مع هذه الزراعة التي كانت قبل سنوات تخضع للمسائلة القانونية، لتفتح الباب أمام عهد جديد يتيح لمزارعي القنب الهندي ممارسة أنشطتهم في إطار قانوني ينظمها.
ولا يعتبر العفو الملكي مجرد إجراء قانوني لإنهاء ملاحقات قضائية، بل هو التفاتة إنسانية تهدف إلى تصحيح أوضاع اجتماعية معقدة، فهذه الخطوة تأتي في إطار “سياسة المصالحة” التي تبناها المغرب، والتي تؤكد على التزام الدولة بحل مشاكل الفئات المهمشة، فالمزارعون المعنيون بهذا العفو كانوا يعيشون تحت وطأة الملاحقات القانونية، ما أثر بشكل كبير على استقرارهم الاجتماعي والنفسي، لكنهم الآن وبفضل العفو الملكي وإخراج زراعة القنب الهندي من خانة المحظور، يجدون أنفسهم أمام فرصة جديدة للعودة إلى الحياة الطبيعية والانخراط في أنشطة قانونية ومنتجة.
ويفتح العفو الملكي صفحة جديدة في تاريخ زراعة القنب الهندي في المغرب، حيث أن دخول القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي حيز التنفيذ، يهدف إلى إدماج مزارعي المناطق التي تعتمد على هذه الزراعة، والتي كانت تخضع من قبل لسيطرة تجار المخدرات، ما سيكون له تأثير إيجابي على ظروفهم المعيشية، فالتحول من الزراعة غير المشروعة إلى القانونية ليس مجرد تغيير في الوضع القانوني للمزارعين، بل هو خطوة نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويمثل القانون رقم 13.21 نقلة نوعية في مقاربة الدولة لزراعة القنب الهندي، حيث يحدد إطارا قانونيا صارما لتنظيم هذه الزراعة، ويشجع على استغلالها في الصناعات الصيدلية والتجميلية، ولا يساهم هذا الإطار فقط في حماية المزارعين من الملاحقات القضائية، بل يعزز أيضا من جهود الدولة لمحاربة أباطرة المخدرات والاتجار الدولي في الممنوعات، إلى جانب تحويل زراعة القنب الهندي إلى نشاط قانوني ومنظم سيساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المناطق المعنية، ما يمكن أن يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى إليها الدولة.
ويعد العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي، خطوة مهمة نحو استعادة التوازن الاجتماعي في المناطق التي تأثرت بهذه الزراعة غير المشروعة، فالمزارعين الذين كانوا يعيشون في خوف دائم من الملاحقات القانونية، يمكنهم الآن العودة إلى حياتهم الطبيعية والمساهمة في تعزيز التنمية المحلية، من خلال خلق فرص عمل جديدة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في المناطق التي تعتمد بشكل أساسي على هذه الزراعة.
ويشكل هذا العفو الملكي، الذي استفاد منه صغار المزارعين، والذي يأتي بعد أيام قليلة من عفو الملك على 2476 شخصا منهم صحفيون، انعكاسا لقيم هذه المناسبة الوطنية وترجمة لإنسانية الملك واهتمامه بالظروف الاجتماعية لشريحة واسعة من المغاربة، من خلال إتاحة فرصة اندماجهم في محيطهم الاجتماعي وضمان انخراطهم في أنشطة مقننة تتماشى مع القوانين والتشريعات الداخلية.
تعليقات( 0 )