دعي أكثر من 24 مليون ناخب جزائري للإدلاء بأصواتهم، اليوم السبت، في انتخابات رئاسية ينتظر أن يفوز فيها الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية ويكمن رهانها الأكبر في نسبة المشاركة.
وبعد ساعتين من التصويت الذي بدا في الساعة الثامنة صباحا (السابعة ت غ) أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي أن نسبة المشاركة، بلغت 4,56% في الساعة العاشرة (التاسعة ت غ).
لدى افتتاح مراكز الاقتراع كان المسنون خاصة من الرجال أول الوافدين، فالنساء والشباب يتأخرون عادة في التصويت.
وقال سيد علي محمودي وهو تاجر يبلغ 65 سنة لوكالة فرنس برس عند خروجه من مركز للتصويت بوسط العاصمة “جئت باكرا لأداء واجبي الانتخابي واختيار رئيس بلدي بكل ديموقراطية”.
وقال صغير درويش وهو متقاعد يبلغ 72 سنة إن “عدم التصويت يعني تجاهل حقي كمواطن جزائري”.
وينتظر أن تنتهي عملية التصويت في السابعة مساء وظهور أولى النتائج ابتداء من مساء اليوم السبت، على أن تعلن رسميا الأحد.
لكن الفائز يبدو “معروفا مسبقا”، “بالنظر إلى نوعية المرشحين وقلة عددهم غير العادي وكذا الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكن سوى مسرحية للإلهاء”، كما علق أستاذ العلوم السياسية محمد هناد على فيسبوك.
يحظى الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون (78 عاما) بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقا، والحزب الإسلامي حركة البناء الذي حل مرشحه ثانيا في انتخابات 2019. ما يجعل إعادة انتخابه أكثر تأكيدا.
ولم يشر تبون في تصريحه عقب التصويت في مركز أحمد عروة بالضاحية الغربية للعاصمة، إلى نسبة المشاركة وضرورة التصويت بقوة كما فعل منافساه.
وقال “أتمنى أن تجري الأمور بكل ديموقراطية. هذه الانتخابات مفصلية لأن من يفوز بها عليه مواصلة مسار التنمية الاقتصادية للوصول الى نقطة اللارجوع وبناء الديموقراطية”.
وينافسه مرشحان هما رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية عبد العالي حساني شريف (57 عاما)، وهو مهندس أشغال عمومية أدلى بصوته في مكتب بحي تيليملي بالعاصمة.
ودعا حساني شريف، في تصريح لوسائل الإعلام “الشعب الجزائري للتصويت بقوة لأن ارتفاع نسبة المشاركة من شأنها تثبيت شرعية هذه الانتخابات”.
وعبر عن أمله في أن “تكون الانتخابات دون إكراهات كما عرفنا في السابق” وقال “اتركوا الحرية للشعب”.
والمرشح الثالث هو الصحافي السابق رئيس جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (41 عاما)، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر يتمركز في منطقة القبائل، بوسط شرق البلاد.
وكذلك وجه يوسف أوشيش “رسالة إلى الجزائريات والجزائريين الذين لم يصوتوا للخروج بقوة من أجل المساهمة في صناعة مستقبلكم”.
كان مقررا إجراء هذه الانتخابات عند انتهاء ولاية تبون في دجنبر، لكنه أعلن في مارس تنظيم انتخابات مبكرة في 7 شتنبر.
يرغب تبون بـ”مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينس أنه انتخب في العام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيسا طبيعيا وليس منتخبا بشكل سيئ”، على ما أكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي.
شهدت الانتخابات التي حملته إلى كرسي الرئاسة قبل خمسة أعوام عزوفا قياسيا بلغ 60 بالمئة، إذ كانت تظاهرات “الحراك” العارمة المطالبة بالديموقراطية لا تزال في أوجها. وحصل فيها على 58 بالمئة من الأصوات.
في مواجهة شبح عزوف مكثف، بالنظر لانعدام رهانات هذا الاقتراع، قام تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، بجولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصفغشت ليشجعوا على المشاركة القوية.
لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظ سوى باهتمام ضئيل، خصوصا أنها جرت على غير العادة في عز الصيف في ظل حر شديد.
في الخارج، بدأ الجزائريون المهاجرون الإدلاء بأصواتهم منذ الاثنين، وعددهم 865490 ناخبا، بحسب الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وأوضحت سلطة الانتخابات أن نسبة المشاركة بين الجزائريين في الخارج، بلغت حتى السبت في العاشرة صباحا 14,5 بالمئة.
كذلك، خصصت مراكز اقتراع متنقلة للقاطنين في المناطق النائية داخل البلاد.
ركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين العمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهانا بالمحروقات التي تشكل 95 بالمئة من موارد البلاد بالعملة الصعبة.
ووعد تبون، مستندا إلى حصيلة اجتماعية واقتصادية محسنة، بزيادات جديدة في الأجور ومعاشات المتقاعدين وتعويضات البطالة وببناء مليوني مسكن، فضلا عن زيادة الاستثمارات لإيجاد 400 ألف فرصة عمل وجعل الجزائر “ثاني اقتصاد في إفريقيا” بعد جنوب إفريقيا.
في ختام حملته الانتخابية بالجزائر العاصمة، تعهد الرئيس الذي يلقبه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي “عمي تبون”، إعطاء الشباب “المكانة التي يستحقونها”، علما أنهم يمثلون نصف سكان البلاد وثلث الناخبين.
وقال إنه يريد استكمال تنفيذ مشروع “الجزائر الجديدة”، معتبرا أن ولايته الأولى واجهت عقبة جائحة كوفيد-19.
في المقابل، تعهد منافساه منح الجزائريين مزيدا من الحريات. وأعلن أوشيش التزامه “الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”.
أما حساني شريف فدافع عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة”، بعد تراجع زخم “الحراك” الذي أطاح عام 2019 الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أمضى 20 عاما في الرئاسة وتوفي في 2021.
واعتبر حسني عبيدي أن حصيلة تبون تعاني “عجزا في الديموقراطية” يمكن أن يشكل عائقا خلال ولايته الجديدة.
من جهتها أعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في بيان في الثاني من شتنبر عن قلقها. وقالت في تقرير “شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان. ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات”.
وتحدثت المنظمة في فبراير عن “قمع مروع للمعارضة السياسية”.
تعليقات( 0 )