حوار.. أي مكانة لذوي الاحتياجات الخاصة في السياسات العمومية بالمغرب؟

كشف عضو الشبكة المواكبة للأشخاص في وضعية إعاقة، عبد الله الطاهري، أن المجهودات المبذولة من قبل الحكومة المغربية لإدماج الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا ترقى إلى المستوى المطلوب، لا سيما وأنهم يواجهون مجموعة من التحديات التي تحول دون اندماجهم الكلي في المجتمع.

وأكد أن هناك مجموعة من الإشكالات التي تطال عملية تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب، ولا سيما في شقها القانوني، مشددا على ضرورة تعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في صنع القرار السياسي والاجتماعي في المغرب، مسلطا الضوء في ذات الوقت على الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في ذلك.

وهذا نص الحوار الذي أجرته جريدة “سفيركم” الإلكترونية مع عبد الله الطاهري، المستشار القانوني لجمعية الرحيم لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، وعضو الشبكة المواكبة للأشخاص في وضعية إعاقة بمدينة مكناس.

ما هو تقييمك للجهود المبذولة من طرف الحكومة المغربية في إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في السياسات العمومية؟ وهل تعتقد أنها كافية؟

بالنسبة لإدماج بعد الإعاقة في السياسات العمومية وما تقوم به الحكومة، أعتقد أنه يبقى بعيدا عن المستوى المطلوب، لأنه في مختلف المجالات تظل قضايا الإعاقة تحتل مراتب ثانوية ضمن سياساتها العمومية وللفاعل السياسي في المغرب بصفة عامة.

ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه الأشخاص في وضعية إعاقة؟

نادرا ما تأخد السياسات القطاعية بعين الاعتبار قضية الإعاقة، ففي قضية التعليم على سبيل المثال، نهجت الحكومة الآن سياسة قطاعية خاصة بقطاع التعليم، وهو ما يسمى بالبرنامج الوطني للتربية الدامجة، الذي انطلق لكن ليس بالشكل الذي يجب أن يكون عليه، بحيث أنه يبقى بعيدا عن اسمه، لأن نسبة كبيرة من الأشخاص في وضعية إعاقة لا تتمكن من ولوج المدارس العمومية نظرا لمجموعة من الاعتبارات أهمها: الولوجيات، وبعد المؤسسات التعليمية، إضافة إلى غياب الوسائل الديداكتكية.

وفيما يتعلق بالسجل الاجتماعي، لم تُعطى فيه أهمية لقضايا الإعاقة، على اعتبار أن خانة الإعاقة تم إغفالها أثناء التسجيل في السجل الاجتماعي، بمعنى أنه من المفروض في هذا المؤشر الذي حددته الدولة في 9.32، أن تتوفر خانة خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، فإذا كانت أسرة تتوفر على طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، يجب أن تؤخذ هذه النقطة بعين الاعتبار في المؤشر، لأن أي أسرة أحد أفرادها شخص في وضعية إعاقة، فهي تتحمل تكاليف إضافية، سواء الأدوية، التعليم، صعوبة ولوج وسائل النقل العمومية لعدم توفرها على الولوجيات، وبالتالي هذه الإشكاليات التي تفرض صرف تعويضات لهذه الفئة، تجعل الفاعل السياسي ملزما بأخذها بعين الاعتبار.

كيف تقيم مدى تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب؟

وبالنسبة للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، فيها إشكال أيضا، لأن المغرب فعلا صادق عليها في سنة 2009، وخرج القانون الإطار 13.97 الخاص بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها في سنة 2016، ومن تلك السنة كان من اللازم صدور مجموعة من النصوص القانونية، التي لم يخرج منها إلى الآن سوى نص واحد، متعلق ببطاقة الأشخاص في وضعية إعاقة. وفي الشهرين السابقين قامت الحكومة بإخراج نص قانوني جديد منذ آخر قانون في سنة 2016، الذي يبقى تطبيقه رهينا بمجموعة من النصوص التي ما تزال لم تصدر بعد، وبالتالي يبقى معطلا، كما أنه يحتوي على مجموعة من المقتضيات المندرجة في الاتفاقيات الدولية لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة.

في نظرك، كيف يمكن تحسين البنية التحتية العامة لتكون أكثر شمولية وملائمة لاحتياجات الأشخاص في وضعية إعاقة؟

أعود في هذه النقطة إلى الحديث عن قانون بطاقة الأشخاص في وضعية إعاقة، بصدق هناك مجموعة من الأمور التي لم تقم بها الدولة، فمثلا هذا القانون كان من المفترض أن يكون مسبوقا بصدور نصوص قانونية أخرى، من قبيل المرسوم المتعلق بمنظومة قياس درجة الإعاقة، إلى جانب نص آخر من شأنه أن يحدد لائحة الخدمات التي سيستفيد منها الشخص في وضعية إعاقة، والتي ستخولها له هذه البطاقة، كذلك في مجال التشغيل نسبة 7% لا تطبق بشكل كبير، فمجموعة من الوزارات تقوم بها لكنها لا تطبق، لأن نصوصها لم تخرج بعد إلى الوجود.

وكل ما تحدثنا عنه هنا هو مجرد أمثلة، وهناك مجموعة من القضايا الأخرى المتعلقة بالتشغيل والولوجيات، سواء البيمعمارية أو في وسائل الاتصال الديداكتيكية وغيرها من الأمور التي ما يزال فيها تراجع كبير، وذلك في الوقت الذي يحمل فيه المجتمع المدني على عاتقه عبئا كبيرا، ويمكن القول أن القانون 13.97 قطع مع المقاربة الإحسانية واعتمد على المقاربة الحقوقية، وهذه نقطة مهمة جدا، كما أن الفقرة الثانية من الفصل 34 من الدستور المغربي، أسست لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ولهذا يجب أن يترافع المجتمع المدني على حقوق هذه الفئة.

كيف يمكن تعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في صنع القرار السياسي والاجتماعي في المغرب؟ وما هو دور المجتمع المدني في ذلك؟

أعتقد أنه على الجمعيات الفاعلة في مجال الإعاقة، أن تسير في توجه المشاركة السياسية، وتعمل على تشجيع الأطر داخل الجمعيات من أجل الانخراط في الأحزاب السياسية وفرض وجودهم من أجل المشاركة قدر المستطاع في صياغة ووضع القرار السياسي، فالعمل الآن بيد المجتمع المدني والفاعلين في قضايا الإعاقة يجب أن ينخرطو في هذا الباب، لأن مشاركتهم السياسية جد ضعيفة، وهو الأمر الذي يظهر في الانتخابات الأخيرة التي شهدت مشاركة 120 مرشحا في المغرب ككل، سواء في الانتخابات المحلية والبرلمان، وغالبيتهم لم تكن على رأس اللوائح أو في مراتب متقدمة، بل كانت فقط من أجل الثأثيت.

وما أريد التأكيد عليه الآن هو أن قضايا الإعاقة لا يمتعنا بها قطاع معين، فالشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة هو مواطن وإنسان قبل كل شيء، وقضاياه لا يُعنى بها قطاع دون الآخر بل هي قضايا عرضانية، يجب أن تكون حاضرة في جميع القطاعات، كالسياحة، الرياضة، التعليم، الصحة، ولا تفوتني هنا نقطة مهمة وهي الإنجازات التي يقدمها اليوم مجموعة من الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة في الألعاب البارأولمبية في باريس والميداليات التي يظفرون بها ، وهذا أمر يجب أن تأخذه الدولة بعين الاعتبار وتشجع هذه المواهب، ونشيد بهذه المجهودات البسيطة التي حققت نتائج مهمة، على الرغم من أنها تشتغل في إطار أندية بسيطة وبإمكانيات متواضعة، ولا تتوفر لهم ربع الإمكانيات التي تمنح للأندية الأخرى، لهذا على الدولة أن تحفز هذه الفئة في مختلف المجالات الأخرى من أجل السير قدما”.

تعليقات( 0 )