الأوزون، هذا الحاجز الحيوي الذي كان ينظر إليه لفترة طويلة على أنه جرح إيكولوجي لا يمكن ترميمه، يوجد في طريقه إلى التعافي؛ فهناك تحول كبير يلوح في الأفق قد يساعد في تجنب ارتفاع إضافي في درجة حرارة الأرض خلال العقود القادمة.
وقد أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في 2023، تقريرا يشير إلى أن هذه الطبقة الرقيقة الموجودة في الستراتوسفير ينبغي أن تتعافى خلال العقود الأربعة القادمة، وأن هذا التعافي قد يمنع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 0,5 درجة مئوية بحلول العام 2100.
وتبعث هذه البيانات المشجعة، الأمل، بينما يحتفل المجتمع الدولي في 16 شتنبر باليوم العالمي لحماية طبقة الأوزون، الذي يعد هذا العام رمزا للتقدم البيئي والالتزام العالمي.
ومع ذلك، لا ينبغي اعتبار هذه التطورات البيئية أمرا مفروغا منه، لأن هذا الدرع الغازي الذي يمثل طبقة الأوزون، لا يزال عرضة لأضرار إضافية، لذا تظل اليقظة أمرا ضروريا.
وتقول كنزة خمسي، رئيسة مصلحة المناخ والتغيرات المناخية بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، إنه لا بد من الاستمرار في حماية طبقة الأوزون رغم التقدم الكبير الذي تم إحرازه. وأكدت خمسي في حوار خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، على أهمية استمرار هذه الجهود للحفاظ على تعاف كامل لطبقة الأوزون في جميع أنحاء العالم، بالنظر لمظاهر الهشاشة، موضحة أنه “على سبيل المثال، لا يزال الثقب فوق القارة القطبية الجنوبية يظهر كل عام ولا ي توقع انغلاقه قبل العام 2066، بينما في مناطق أخرى مثل القطب الشمالي، من المتوقع أن يتعافى بحلول العام 2045”.
وبحسب خمسي، هناك سبب إضافي لمواصلة بذل جهود في هذا الاتجاه، وهو استشراف التهديدات المستقبلية من قبيل الانفجارات البركانية أو حرائق الغابات الضخمة التي يمكن أن تلحق الضرر بطبقة الأوزون.
وأشارت الخبيرة أيضا، إلى أهمية الحد من الانبعاثات غير المتوقعة لبعض المركبات الكيميائية مثل مركبات الكربون الكلورية-فلورية وغيرها من المركبات المهلجنة، التي لا تزال ت كتشف رغم القيود المفروضة بموجب بروتوكول مونريال.
وتم اعتماد هذا البروتوكول قبل 37 عاما من اليوم باعتباره اتفاقا عالميا للتخلص التدريجي من المواد المستنفدة للأوزون. واليوم، تؤكد الأمم المتحدة على أهميته، حيث أقرت اليوم الدولي لحماية طبقة الأوزون تحت شعار “بروتوكول مونريال.. تعزيز العمل المناخي”.
وفي ما يتعلق بأهمية هذا الاتفاق، اعتبرت خمسي أنه لعب دورا مهما في حماية طبقة الأوزون من خلال عقلنة المواد التي تدمرها، مشيرة إلى أن التباطؤ في الجهود العالمية الحالية قد يعطل التعافي الكامل ويزيد من المخاطر البيئية والصحية مثل سرطان الجلد وإعتام عدسة العين. وأضافت أن أي تراخ في مراقبة انبعاثات المواد المستنزفة لطبقة الأوزون، وهي غازات دفيئة يحدثها الإنسان، قد “يطيل المدة التي تظل فيها طبقة الأوزون عرضة للخطر، بل وقد يلغي جزءا كبيرا من التقدم المحرز في هذا الاتجاه”، مشيرة إلى تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة بعنوان “التقييم العلمي لاستنزاف الأوزون 2022”.
ووفقا لهذا التقرير، تم التخلص تدريجيا من حوالي 99 في المائة من المواد التي تستنزف طبقة الأوزون، ومن بين هذه المواد، مركبات الكلوروفلوروكربونات الموجودة في منتجات شائعة الاستخدام مثل أجهزة تكييف الهواء والثلاجات وعلب الآيروسول. ويمكن أن يجعل إعادة بناء هذا الدرع الرقيق من الغاز في الغلاف الجوي للأرض، والذي يحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية للشمس، ما كان يبدو في السابق حقيقة بعيدة، واقعا ملموسا.
وبالنسبة للخبيرة، فإن ترميم هذه الطبقة يمكن أن تجلب فوائد كبيرة للتنوع البيولوجي والنظم البيئية على كوكب الأرض. ومن شأنها أن توفر حماية متزايدة ضد الأضرار الناجمة عن الأشعة فوق البنفسجية ويعزز قدرة النظم الإيكولوجية البرية والبحرية على مواجهة التغيرات المناخية والضغوط البيئية الأخرى.
تعليقات( 0 )