أثارت التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية الفرنسي الجديد، برونو ريتايو، قلقا كبيرا بين الجاليات المهاجرة المقيمة في فرنسا، لما تحمله من توجهات تبدو أكثر تشددا حيال ملف الهجرة، لا سيما بعد تعهده بـ”فرض النظام” وطرد المهاجرين الذين “اقتحموا” البلاد بشكل غير نظامي.
وأكد ريتايو، الذي تولى منصبه مؤخرا ضمن حكومة جديدة تشمل حوالي 39 وزيرا، على ضرورة إنشاء تحالف من دول الاتحاد الأوروبي التي ترغب في الضغط على المفوضية الأوروبية من أجل تشديد قوانين الهجرة، حيث شملت وعوده اتخاذ موقف صارم حيال طلبات اللجوء، والعنف ضد الشرطة، والإسلام المتطرف، وتهريب المخدرات، بشكل يعكس تصاعد نفوذ حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي تقوده مارين لوبان.
وفي أعقاب الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي تكبدت فيها حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون المعتدلة خسائر كبيرة، قدم حزب التجمع الوطني وعودا بتقديم دعم ضمني لتحالف ميشيل بارنييه الجديد بين الوسطيين والمحافظين، مشترطا سحب دعمه للحكومة الجديدة، في حال فشلها في معالجة قضايا الهجرة والأمن.
ويعتبر ريتايو، البالغ من العمر 63 عاما، من السياسيين المشهورين في المشهد السياسي الفرنسي بمواقفهم الحازمة تجاه الهجرة، وخاصة بعد انتقاده بشدة ما وصفه بـ”التراخي في تطبيق القانون” تحت قيادة حكومة ماكرون.
وما زاد من مخاوف الجاليات المهاجرة، التي بدأت تتكهن بسيناريوهات يمكن أن تؤثر على تواجدها في التراب الفرنسي واندماجها داخل المجتمع، هو اجتماع مجلس الوزراء برئاسة ميشيل بارنييه، الذي أوضح فيه ريتايو أن أولوياته ستتمحور حول “إعادة فرض النظام”، مؤكدا على أن الشعب الفرنسي يريد “النظام في الشوارع والنظام على الحدود”.
وذكر ريتايو في مقابلة صحفية أجراها مع جريدة “لو فيغارو” الفرنسية، أنه يعتزم طرح إجراءات جديدة خلال الأسابيع المقبلة، قائلا: “فرنسا يجب ألا تتردد في تعزيز ترسانتها التشريعية، هدفي هو وقف الدخول غير القانوني وزيادة عمليات الطرد، لا ينبغي لأحد أن يبقى في فرنسا إذا دخل إليها بشكل غير قانوني”.
ولفت ريتايو إلى أنه يمتلك كامل الصلاحيات التنظيمية بصفته وزيرا للداخلية، وأنه سيقوم باستغلالها قدر الإمكان في مهمته الجديدة لفرض النظام وتشديد قوانين الهجرة، داعيا في نفس الوقت إلى إقامة تحالف مع الدول الأوروبية الكبرى التي تمتلك نفس التوجه الفرنسي المتعلق بقضايا الهجرة والأمن.
ولم يقتصر وزير الداخلية الفرنسي بهذا فقط، بل أفصح في مقابلة صحفية أخرى أجراها مع قناة “تي إف 1″، عن قراره القاضي باستدعاء محافظي الولايات التي تشهد أعلى نسب للهجرة غير الشرعية من أجل مطالبتهم بزيادة عمليات الطرد وتقليل إجراءات التسوية القانونية، ناهيك عن عزمه التشاور مع دول شمال إفريقيا لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى البلد، وكذا إرساء قوانين جديدة أكثر صرامة تجاه المهاجرين، إلى جانب إعلانه أنه لن يتردد في إغلاق “المساجد المتطرفة” أو “طرد دعاة الكراهية” من البلاد.
وكان ريتايو قد أكد في السابق أن مواقفه تعتمد على “إرادة الشعب الفرنسي”، مستشهدا بنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي أظهرت بوضوح أن الفرنسيين يريدون المزيد من الأمن وقلة الهجرة، وهو الأمر الذي يسعى إلى تحقيقه على أرض الوجود.
وتواجه موافق الوزير الفرنسي رفضا قاطعا من قبل تحالف الجبهة الشعبية اليسارية الجديد، الذي اتهم ريتايو بالعنصرية عقب تصريحاته التي كان قد نسب فيها أعمال الشغب الحضرية الأخيرة إلى “المهاجرين من الجيل الثالث الذين عادوا إلى أصولهم العرقية”.
وتجدر الإشارة إلى أن برونو ريتايو كان قد شارك في نونبر 2023، في صياغة قانون الهجرة الفرنسي، الذي لقي جدلا واسعا آنذاك بسبب بنوده المتشددة والصارمة، والذي قوبلت مجموعة من مقترحاته برفض المجلس الدستوري.
تعليقات( 0 )