تورط أبناء الجالية المغربية في حرب العصابات يؤرق كيان مغاربة موريال

أصبح تورط أبناء الجاليات العربية، ولا سيما المغربية، في حرب العصابات المنظمة، يقض مضجع آبائهم، مثلما هو حال عدد من الأسر المغربية في مدينة موريال الكندية، حيث ذاق بعضهم مرارة فقدان فلذات أكبادهم جراء تورطهم في أعمال إجرامية فضيعة، لكن الأفظع من ذلك هو أن القاصرين الذين يبحثون عن القوة بعدما عانوا من الضعف، وجدوا أنفسهم بعد الانضمام لهذه العصابات في مستنقع من الجريمة، لا يمكن أن ينسلخوا منه بعدما دخلوه.

وفي تصريح قدمه لبشيريت عمر وهو كاتب صحفي مقيم في الديار الكندية، لجريدة “سفيركم” الإلكترونية، قال إن ظاهرة تورط أبناء الجالية المغاربية في حرب العصابات، قد تكاثرت في الآونة الأخيرة بشكل مقلق، مؤكدا أن هذا الوضع قد دفع أعضاء الجالية وفاعلين جمعويين ومنتخبين إلى تنظيم وقفة في إحدى حدائق حي سان ليونارد، الذي يقطن فيه محمد ينيس، وهو مراهق مغربي يبلغ من العمر 14 عاما، تم استدراجه برفقة صديق له لتنفيذ جريمة قتل لأحد أعضاء عصابة “Hells Angels” الشهيرة، وذلك من أجل التحسيس بمخاطر استقطاب الشباب من طرف عصابات الجريمة المنطمة والتفكير في طرق مواجهة هذه المخاطر.

وحين سُئِلَ عن كيفية استقطاب هذه العصابات لأبناء الجالية، لا سيما وأنها تستهدف القاصرين بشكل كبير، أجاب لبشيريت أن
بعض الملاحظين والناشطين الجمعويين يؤكدون أن هذه العملية تتم في المدارس، قائلا: “يتم ذلك بالمدارس من طرف أقرانهم الذين يعملون لحساب هذه العصابات، إضافة الى وسائط التواصل الاجتماعية”.

ولفت عمر إلى أن استهداف هذه العصابات والمافيات لأبناء الجالية لا يتم بشكل اعتباطي أو عشوائي، بل يتم التركيز كثيرا على الشباب الذين يعانون من التمزق العائلي والعاطفي، مضيفا أن “الشباب الذين يعانون من التحرش والسخرية من طرف زملائهم عادة ما يحاولون الدفاع عن أنفسهم وإظهار قوتهم بالانضمام إلى عصابات الأحياء”.

واستطرد عمر بالقول، إن هؤلاء الشباب الذين يتم التغرير بهم، عادة ما ينشطون في البداية في مجال سرقة السيارات وتبييض بطاقات الائتمان المسروقة، لكن الأمر يتطور فيما بعد إلى ترويج المخدرات والعمل لصالح العصابات في تصفية خصومهم.

ووفقا للناشط المجتمعي، الذي يتابع عن كثب هذا الملف، فإن هذه الظاهرة كانت شبه منعدمة في السابق، حيث يقول: “منذ وصولي إلى موريال، قبل 11 سنة، لم نكن نلحظ تورط شباب المغاربيين في الإجرام المنظم، كنا نعرف وجود مافيا لبنانية نشيطة، لكن تغير الأمر خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وخاصة حيث أقطن، أصبح سقوط أبناء المغاربيين ( باستثناء التونسييين) في شراك العصابات يتفاقم”.

وذكر المصدر ذاته أن مدينة موريال قد اهتزت في الأسبوع الماضي، على وقع فاجعة مقتل طفل ذي أصول جزائرية وُجد مقتولا ومتفحما داخل سيارة وبحوزته سلاح أوتوماتيكي، وذلك بعد مرور شهر واحد فقط من مقتل مراهق مغربي يقطن في موريال بطورونطو، مشيرا إلى أن السنوات الثلاثة الأخيرة، كانت شاهدة على مقتل أزيد من عشرة أطفال ومراهقين مغاربة وجزائريين، في حرب تصفية الحسابات بين المافيا الإيطالية وعصابات الجريمة بالأحياء.

وعلى الرغم من أن الجاليات المغاربية في كندا لا تعاني من الفقر أو العيش في أحياء منعزلة كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية، ونسبة كبيرة من أبنائها تلتحق بالجامعات والمعاهد العليا، إلا أن عمر لبشيريت عزى انتشار هذه الظاهرة، إلى غياب الرقابة الأبوية، وانشغال الوالدين بجمع المال، وقضاء الوقت في المقاهي، وانعدام الانخراط في الأنشطة الجمعوية والسياسية والأهلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى سقوطهم ضحايا عصابات تنتهك طفولتهم، وقد يصل بها الأمر حد انتزاع حقهم في الحياة.

وخلص عمر لبشيريت إلى توجيه دعوة إلى الآباء يحثهم فيها على الاستثمار في أبنائهم، قائلا: “الاستثمار في الأبناء أهم أحيانا من الغرق في العمل ومراكمة المال”.

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)