احتضنت مدينة برشلونة أول أمس الخميس افتتاح فعاليات معرض “أهداف من أجل التغيير” الفوتوغرافي، الذي يشارك فيه مجموعة من المهاجرين المغاربة من لاعبي نادي “إف سي دارنا”، من أجل تغيير الصورة النمطية السلبية تجاه المهاجرين في إسبانيا، وذلك من خلال مشروع فوتوغرافي صوروا فيه حياتهم وأحلامهم.
وأوضحت صحيفة “إلباييس” الإسبانية أن المهاجرين المغاربة الذين يلعبون لصالح نادي “إف سي دارنا” والذين وصلوا إلى المدينة بطريقة غير نظامية، اختاروا سرد قصصهم عبر صور التقطوها بأنفسهم، حيث لم يعودوا مجرد مواضيع في عدسات المصورين، بل هم من حملوا الكاميرا وصوروا حياتهم وآمالهم بأنفسهم.
وواصلت الصحيفة أن أربعة من لاعبي الفريق يستقبلون زوار المعرض عبر شاشات، يعبر من خلالها كل واحد منهم عن مشاعره من خلال ترديد هذه الكلمات: “احترام، طمأنينة، أمل، فرصة”، وهي كلمات تتكرر في جميع أرجاء المعرض لتجسد سبب هجرتهم إلى إسبانيا، على الرغم من ابتعادهم عن أسرهم والمخاطر اللصيقة بالهجرة غير النظامية. كما أن جدران المعرض كانت مزينة بمجموعة من الصور التي التقطها ما مجموعه 11 مهاجرا، يعبرون من خلالها عما يراودهم من أحلام وطموحات وتطلعات.
وذكرت صحيفة “إل باييس” أن الشابان المغربيان، سفيان الأحمدي وزكرياء الزوين، قد تحدثا عن تطلعاتهما ضمن الفريق الذي يضم مجموعة من اللاعبين ينحدر أغلبهم من المغرب، والذين وصلوا إلى إسبانيا بمفردهم، مبرزة أن الفريق قد تأسس ضمن جمعية محلية بحي “الرافال” في برشلونة، ومنذ سنة 2019 وهو يشارك في دوري الهواة، ويبصم على نتائج لافتة.
وأوردت الصحيفة تصريح سفيان وزكرياء، الذي قالا فيه: “نحتل الآن المركز السادس من بين 17 فريقا، ونأمل في تحقيق المزيد من النجاح في المباريات القادمة”.
ويقدم المعرض للاعبين المغاربة فرصة التعبير عن قصصهم بأنفسهم، حيث أوضح سفيان الأحمدي، قائد الفريق، أن المعرض يمثل فرصة لتغيير النظرة النمطية عن المهاجرين، قائلا: “دارنا تعني بيتنا، وهذا المشروع يمنحنا صوتا للتعبير عن أفكارنا”.
ومن جانبه، أبدى زكرياء الزوين، وهو شاب يدرس التصميم الجرافيكي، عشقه للفن ورغبته في العيش في مدينة مثل برشلونة، من شأنها أن تمنحه الإلهام والإبداع، مضيفا: “كنت أحلم منذ الصغر بالعيش هنا، فهي تمنحك الكثير من الرغبة في الابتكار”. كما أتيحت للمشاركين في المشروع فرصة اكتشاف موهبتهم في التصوير، وذلك بتوجيه من أوفيليا دي بابلو، وهي مؤسسة المشروع، التي ساعدتهم على التقاط صورة مبدعة تعبر عن قصصهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن الصور قد تنوعت بين مشاهد من حياتهم اليومية، مثل البحر والشواطئ، وبين لحظات اجتماعية، فعلى سبيل المثال اختار الشاب الغيني موها بانجورا، الذي يعيش في خيمة في انتظار الحصول على مأوى، التقاط صور للطبيعة تعكس عزلته، بينما عبر حمزة مرسو، وهو مهاجر مغربي من مدينة طنجة، عن حياته البسيطة وبيته المؤقت الذي وفرته له مؤسسة “كاريتاس”، مترجما في الصور شعوره بالأمان بعد فترة طويلة من المعاناة.
بينما فضل سفيان الأحمدي، الذي حصل على تصريح إقامة وعمل، تصوير شعوره بالارتياح بعد تحسن وضعيته، قائلا: “عندما كنت بلا وثائق ولا إقامة شعرت وكأنني في السجن، أما الآن فبإمكاني السفر إلى المغرب وزيارة أسرتي”، إذ تظهر في صوره مشاهد لأسماك طازجة من أسواق المغرب وألعاب الطاولة التي يستمتع بها رفقة أصدقائه.
وذكرت أوفيليا دي بابلو، مؤسسة المشروع، أن مؤسسة “لا كايسكا” التي تدعم هذا المشروع من خلال منحة “الفن من أجل التغيير”، تسعى إلى توسيع الفكرة لتشمل مجموعة من الفرق الأخرى من المهاجرين في مدن إسبانية أخرى، مثل: جزر الكناري وملقا وغيرها.
ويعاني الفريق أحيانا من العنصرية أثناء المباريات، سواء تلك الممارسة عليه من قبل الفرق المنافسة أو من الجمهور، حيث يقول سفيان: “تعلمت أن أتجاهل تلك التعليقات”، مؤكدا أن فريق “إف إن دارنا” يمثل بالنسبة له، أكثر من مجرد فريق؛ بل يعتبره العائلة ومصدر دعمه المعنوي في رحلة البحث عن الهوية والحياة الكريمة.
وأردفت صحيفة “إل باييس” أن سفيان وزكرياء يعتبران الفريق بمثابة فرصة للتغيير والاندماج، ويأملان تحقيق الاستقرار والحصول على وثائق الإقامة، حيث سلط سفيان، الذي يعمل كوسيط ثقافي، الضوء على التحديات التي تواجههم، قائلا: “يحصل المهاجر على إقامة مشروطة بعد عناء طويل، ولكن دون الحق في العمل، ما يدفع البعض للعيش في الشوارع، وكثيرون ينظرون إلينا بشكل سلبي، لكن هذا المشروع يمنح الناس فرصة لفهم حياتنا بشكل مختلف عن الصورة النمطية المكونة لدى المجتمع الإسباني حول المهاجرين”.
تعليقات( 0 )