التشهير.. بين الصمت المجتمعي والردع القانوني

كثيرا ما تصادفنا قصص مشاهير أو شخصيات عمومية، وجدت نفسها بين ليلة وضحاها عرضة للتشهير، سواء من قبل مواطنين أو وسائل إعلامية، منها من يختار أن يحكي عن تجربته في مقطع فيديو ليوضح موقفه أو يدحض مغالطة، ومنها من يدق باب القانون بشكل مباشر، وبين هذه القصة والأخرى، يبقى السؤال المطروح على من الدور بعد؟ أنا، أنت أم شخص آخر ربما يشارك بوعي أو دون وعي في حملة تشهير أخرى، ليكون هو الضحية المقبلة.

وغالبا ما تكون الحياة الخاصة لهذه الشخصيات التي تحظى بشهرة واسعة، سببا في وقوعها ضحية للتشهير، خاصة في ظل اتساع نطاق الحرية في الإعلام الجديد، فشبكات التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين، قد تكون منصة للتقرب من المتابعين والجمهور، لكن لها وجها مظلما أيضا، إذ يمكن لكثيرين أن ينساقوا وراء منشور واحد يهاجم شخصية معينة، وقد يصل إلى حد مشاركة المنشور على نطاق واسع بألفاظ قدحية ومعلومات لا تمت للحقيقة بصلة.

ولا يمارس التشهير على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل غالبا ما تنخرط فيه مواقع لا يمكن تصنيفها إلا في خانة الصحافة الصفراء، يكون هدفها الأساسي الركوب على الموجة وتحقيق نوع من “البوز” السلبي، ولو على حساب أشخاص آخرين.

ولعل آخر هذه القضايا، قضية التشهير التي تعرضته لها الفنانة لطيفة رأفت، على خلفية ما أصبح يعرف باسم “إسكوبار الصحراء”، والتي تورطت فيها مجموعة من الأسماء في مجالات متفرقة، جرها إلى القضاء رجل الأعمال، الحاج أحمد بن ابراهيم، زوج لطيفة رأفت السابق.

ووجدت الفنانة المغربية نفسها ضحية للتشهير، حيث شاركت مجموعة من الصفحات والحسابات الشخصية لعدد من المستخدمين صورتها على نطاق واسع، وربطت بينها وبين هذه القضية على الرغم من أنها ليست على اطلاع بحيثيات الموضوع وليس من اختصاصها، وذهب نشطاء إلى حد اتهامها بالهروب إلى خارج المغرب، بعدما شاركت صورة لها رفقة ابنتها من أمام مطار الرباط سلا.

كل هذه الاتهامات الموجهة إليها من قبل صفحات، ربما وجدت ربط فنانة مشهورة بقضية فساد، مادة دسمة ستدر عليها دراهم الأدسنس، أجبرت رأفت على الخروج بمقطع فيديو اختارت أن تنشره على حسابها الرسمي عبر منصة “إنستغرام”، سعيا منها أن يصل إلى المنساقين وراء أهداف خاصة لمن يبدأون هذه الحملات، حتى توضح لهم أن لا علاقة لها بالقضية، وأن الرجل المذكور كانت قد ارتبطت به على “سنة الله ورسوله”، وأنها لم تكن تعلم أنه يتاجر بالمخدرات، وأنها اكتشفت بعد زواجهما أن نمط حياتهما مختلف تماما، ما جعلها تقرر طلب الطلاق.

وبعيدا عن لطيفة رأفت، كان لاعب المنتخب الوطني، زكرياء أبو خلال، قد تعرض للتشهير كذلك في الفترة التي تألق فيها المغرب في مونديال قطر 2022، حين وصفه موقع مغربي بأنه “سلفي” يحاول نشر فكره في صفوف المنتخب الوطني، الذي اعتبره “متطرفا”، ليصدر بعدها الاتحاد المغربي لكرة القدم، بيانا استنكر فيه تعرض هذا اللاعب للتشهير وعبر فيه عن وقوفه إلى جانبه.

ويزيد تفاعل المجتمع مع هذه الظاهرة من تكريسها، فقليلا ما ينتفض ضدها ويرفضها، مادامت لصيقة بالمشاهير فقط، لكن الحقيقة أن كل شخص يمكن أن يجد نفسه يوما ما ضحية للتشهير من قبل جهات لا تستحضر البعد الديني أو الأخلاقي وحتى الوطني للمغرب، الذي كانت ومازالت سمعته الطيبة تسبقه.

التشهير في القانون المغربي
ويُعَرف التشهير بأنه نشر معلومات كاذبة على أنها حقيقية، وخصص الفصل الثاني من القانون رقم 13/03 المتعلق بالعنف ضد النساء، عقوبة حبسية تتراوح مدتها من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة مالية من 2000 إلى 20000 درهم، لكل شخص قام ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صوره دون إذن منه، أو نشر ادعاءات كاذبة تمس بحياته الشخصية وتشهر بهم.

وحدد المشرع المغربي أيضا عقوبة التشهير على مواقع التواصل الاجتماعي، في المادة 446 من قانون العقوبات المغربي، في السجن لمدة تتراوح من شهر إلى سنة، أو غرامة مالية تتراوح بين 1000 و 5000 درهم، ويمكن للمتضرر أيضا أن يطالب بالتعويض عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت به.

وفيما يخص تشهير المنابر الإعلامية بالأشخاص، فجاء في المادة 89 من الفصل الثالث من مدونة الصحافة المتعلقة بالحياة الخاصة، أنه يعاقب من قام بتدخل في الحياة الخاصة وعرض أي شخص يمكن التعرف عليه للتشهير، عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية للأشخاص، أو تفاصيل تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها علاقة بالحياة العامة أو تدبير الشأن العام، لكن شريطة عدم موافقة الشخص المعني، ويعاقب المرتكب لهذه الأفعال بموجبه بغرامة قد تصل إلى 50000 درهم وأحيانا إلى 100000 درهم.

مقالات ذات صلة

حمورو: الحكومة هي المسؤولة على ملف طلبة الطب ونتمنى أن يُحل مع الوزير الجديد

دراسة رسمية: العنصرية ضد المسلمين تتضاعف في دول الاتحاد الأوروبي

ابتدائية الرباط تؤجل محاكمة الطلبة الأطباء إلى نونبر المقبل

العمالة الزراعية في إسبانيا

نقص اليد العاملة في موسمها الفلاحي يدفع إسبانيا لتوسيع التوظيف من المغرب

الأمم المتحدة: ثلثا المغاربة غير راضين عن جودة الرعاية الصحية

رغم تأجيل مناقشة قانون الإضراب..نقابي لـ"سفيركم": الحكومة تهيمن على حق التفاوض

بعد تأجيل مناقشة قانون الإضراب..نقابي لـ”سفيركم”: الحكومة تهيمن على حق التفاوض

“نداء طاطا” تقاضي الدولة المغربية والمحامي المكلف لسفيركم: لنا كامل الثقة في القضاء

الـ”CDT” تراسل رؤساء الفرق البرلمانية حول القانون التنظيمي للإضراب

الحكومة تصادق على قرار تعويض كتاب الضبط عن ساعات عملهم الإضافية

تعليقات( 0 )